للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الإيمان عند المرجئة: فشيءٌ واحد لا يتفاوت، بل إيمان أفسق الناس مثل إيمان جبريل بلا فرق، وإيمان أهل السماء وأهل الأرض عندهم سواء، ولا يكون زائدًا ولا ناقصًا، وأخرجوا جميع الأعمال من الإيمان.

قال المصنف في «مَجموع الفَتاوى»: «تنازَع النَّاس في الأسماء والأحكام؛ أي: في أسماء الدِّين، مثل: مُسلِمٍ ومُؤمِنٍ وكافِرٍ وفاسِقٍ، وفي أحكام هؤلاء في الدُّنيا والآخرة، فالمُعتَزِلة وافَقوا الخَوارِجَ على حُكْمِهم في الآخِرَة دون الدُّنيا؛ فلم يَستَحِلُّوا مِنْ دمائِهم وأموالهم ما استَحَلَّتْهُ الخوارجُ، وفي الأسماء أحدَثوا المَنزِلةَ بين المَنْزِلتينِ، وهذه خاصَّة المُعتَزِلة التي انفَردوا بها، وسائِرُ أقوالهم قد شارَكهم فيها غيرُهم» (١).

وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الإِيمَانَ وَالدِّينَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ.

فجاء اعتقاد أهل السنة والجماعة وسط بين هؤلاء وهؤلاء؛ فالإيمان عندهم قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية؛ فتوسطوا بذلك بين المرجئة الذين أخرجوا العمل عن مسمى الإيمان، والخوارج والمعتزلة الذين أنكروا زيادة الإيمان ونقصانه.

فهم وَسَطٌ بينَ الخوارجِ والمُعتزلةِ، وبينَ المُرجئةِ والجهميَّةِ.

«وأهلُ السُّنَّةِ نَقاوةُ المسلمين، فهم خير الناس للناس» (٢)، وأسعدُ النَّاسِ


(١) «مَجموع الفَتاوى» (١٣/ ٣٨).
(٢) من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية عن أهل السنة، كما في «منهاج السنة» (٥/ ١٥٨).

<<  <   >  >>