ولهذا فالأصل في الأشياء والأعيان الإباحة، إلا إن دل دليل على الحظر فيعمل به.
وثم معركة كلامية بائرة لا قيمة لها في الواقع، وهي هل الأصل التحريم قبل ورود الشرع أم الإباحة؟
قلت: هل هناك إنسان قبل ورود الشرع أصلًا، حتى نتكلم عنه؟ هل يحلل بعقله أم يتوقف؟!
فآدم لما أنزله الله نزل خليفة في الأرض، ومكنه فيها.
وما ورد في الشرع حرف يدل أن الله قال لآدم أن كل ما في الأرض حرام عليك إلا ما سأنزل لك بيانه .. فالخوض فيها فضول بلا بركة، ولا قيمة ..
بل قال له: ﴿وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين﴾ [سورة البقرة: ٣٦].
فهذا المتاع والمستقر أصل في الحل إلا ما نص على تحريمه، ثم بين بعدها بآيات أصل الحل فقال: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [سورة الأعراف: ٣٢].
فدل أن الأصل الإباحة مستمر من لدن آدم.
ولذلك ذكر في سورة البقرة قضية الحل العام: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [سورة البقرة: ٢٩].