للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشوكاني: «وفي هذه الآية دليل على أن كل ما لم يرد فيه نص، أو ظاهر من الأعيان الموجودة في الأرض فأصله الحل، حتى يرد دليل يقتضي تحريمه، وأوضح دلالة على ذلك من هذه الآية قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [سورة البقرة: ٢٩]» (١).

٣ - كل شيء في الأرض مخلوق مسخر للإنسان لعموم: ﴿سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ [سورة لقمان: ٢٠]، وعموم: ﴿خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [سورة البقرة: ٢٩] (٢).

ومقتضى ذلك أن يكون كل ما في الأرض مباح له، وإلا لما كان في الامتنان فائدة،، فلو كان كل شيء أصله حرامًا لكان تكليفا بالمشاق، وبما لا يطاق، فإننا في كل صغيرة، وكبيرة نحتاج إلى نص.

لذلك فصل الله المحرمات فقط وترك الباقي على أصل الإباحة.

قال السيوطي: «قوله تعالى: ﴿خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [سورة البقرة: ٢٩] استدل به على أن الأصل في الأشياء الإباحة، إلا ما ورد الشرع بتحريمه» (٣).


(١) فتح القدير للشوكاني، (١/ ١٩٣).
(٢) تفسير القرآن العظيم السخاوي (١/ ٦٣). ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [فيه دليل على أن أصل الأشياء بعد ورود الشرع على الإباحة، قاله الطبري، الطبري، محمد بن جرير، أبو جعفر، جامع البيان في تأويل القرآن، (١/ ٤٥٣).
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) فأخبرهم جل ذكره أنه خلق لهم ما في الأرض جميعا، لأن الأرض وجميع ما فيها لبني آدم منافع. أما في الدين فدليل على وحدانية ربهم، وأما في الدنيا فمعاش وبلاغ لهم إلى طاعته وأداء فرائضه.
(٣) الإكليل في استنباط التنزيل السيوطي، (ص ٢٧).

<<  <   >  >>