للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن قدم مفاسد الفتنة والحرب لتحصيل تلك المصالح فهو فاسق بلا شك وغير عاقل بلا شك، بل هو من جملة البهائم التي تنظر إلى علفها بين قدميها، وهي مقدمة على الذبح.

٢ - ومن أمثلته حكم الثورة السلمية أو المسلحة على حاكم مستبد ظالم يقتل الأنفس ظلما ويأخذ الأموال وينتهك الأعراض.

فيرجع فيها إلى قلة وكثرة المفاسد. في الرتبة الواحدة والنوع الواحد.

وقد قطع جمهور أهل السنة والجماعة على منعها لغلبة مفاسدها وتوهم مصالحها، وهو الذي رأيناه في الربيع العربي.

إما إن كان التعارض فقط بين الأصلح والصالح فلا يجوز تأليب الفتنة لأن مفاسدها أعظم.

وإن تعارض الأصلح مع الصالح، أو مع الفاسق، لكن الفاسق يسمع له ويطاع، ولا يسمع للصالح قدم الفاسق؛ لأن السياسة قائمة على السمع والطاعة، فإن لم يكن للصالح من يتبعه، كانت الرئاسة وبالًا عليه وعلى الخلق ..

وقد نص ابن عبد السلام على نحو هذا الأخير في قواعد المصالح والمفاسد قائلًا:

«وإن كان أحدهما أصلح تعينت ولاية الأصلح؛ لما قدمناه من تقديم أصلح المصالح فأصلحها، وأفضلها فأفضلها، إلا أن يكون الأصلح بغيضا للناس، أو محتقرا عندهم، ويكون الصالح محببا إليهم عظيما في أعينهم، فيقدم الصالح على الأصلح؛ لأن الإقبال عليه موجب للمسارعة إلى طواعيته وامتثال أمره في جلب المصالح ودرء المفاسد، فيصير حينئذ أرجح ممن ينفر منه لتقاعد أعوانه عن المسارعة إلى

<<  <   >  >>