التنفير عن دخول الإسلام، وهذه مفسدة عارضتها مصلحة الدخول في الإسلام وترغيب الناس فيه.
توريث المسلم من الكافر، وهي مسألة اختلف فيها السلف وذلك أن معاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان كانا يورثان المسلم من الكافر وبه قال محمد بن علي بن الحنفية ومحمد بن علي بن حسين وسعيد بن المسيب ومسروق ويحيى بن يعمر ورواية عن إسحاق بن راهويه.
وقال بعضهم نرثهم، ولا يرثونا، كما ننكح نساءهم، ولا ينكحون نساءنا (١).
وهو ما اختاره شيخ الإسلام (٢).
(١) الاستذكار لابن عبد البر (٥/ ٣٦٨). (٢) المستدرك على مجموع الفتاوى (٤/ ١٣٠) قال شيخنا: والتوريث في هذه المسائل على وفق أصول الشرع؛ فإن المسلمين لهم إنعام وحق على أهل الذمة: بحقن دمائهم، والقتال عنهم، وحفظ دمائهم، وأموالهم، وفداء أسراهم. وقال الشيخ تقي الدين: يرث المسلم من قريبه الكافر الذمي؛ لئلا يمتنع قريبه من الإسلام، ولوجوب نصرتهم ولا ينصروننا» قال ابن القيم: أحكام أهل الذمة - ط عطاءات العلم (٢/ ٣١). ولا ريب أن حمل قوله: لا يرث المسلم الكافر» على الحربي أولى وأقرب محملًا، فإنَّ في توريث المسلمين منهم ترغيبًا في الإسلام لمن أراد الدخول فيه من أهل الذمة، فإنَّ كثيرًا منهم يمنعهم من الدخول [في] الإسلام خوفُ أن يموت أقاربهم، ولهم أموالٌ فلا يرثون منهم شيئًا. وقد سمعنا ذلك من غير واحدٍ منهم شِفاهًا. فإذا علم أنَّ إسلامه لا يُسقط ميراثه ضَعُف المانع من الإسلام و [صارت] رغبتُه فيه قويةً. وهذا وحده كافٍ في التخصيص، وهم يخصُّون العموم بما هو دون ذلك بكثيرٍ، فإنَّ هذه مصلحةٌ ظاهرةٌ يشهد لها الشرع بالاعتبار في كثيرٍ من تصرفاته، وقد تكون مصلحتها أعظم من مصلحة نكاح نسائهم. وليس في هذا ما يخالف الأصول، فإنَّ أهل الذمة إنَّما ينصرهم ويقاتل عنهم المسلمون، ويفتكُّون أسراهم، والميراثُ يستحق بالنصرة فيرثهم المسلمون، وهم لا ينصرون المسلمين فلا يرثونهم؛ فإن أصل الميراث ليس هو بموالاة القلوب، ولو كان هذا معتبرًا فيه كان المنافقون لا يرثون ولا يورثون، وقد مضت السنة بأنهم يرثون ويورثون انتهى.