للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والعباس من صليبة بني هاشم ممن حرم عليه صدقة غيره أيضاً، فكيف صدقة نفسه، والنبي قد أخبر أن الممتنع من أداء صدقته في العسر واليسر: يعذب يوم القيامة في يوم مقداره خمسين ألف سنة، بألوان عذاب قد ذكرناها في موضعها في هذا الكتاب، فكيف يكون أن يتأوَّل على النبي أن يترك لعمه صنو أبيه صدقة قد وجبت عليه لأهل سُهمان الصدقة، أو يبيح له ترك أدائها وإيصالها إلى مستحقيها؛ هذا ما لا يتوهمه عندي عالم، والصحيح في هذه اللفظة قوله: فهي له، وقوله: فهي عليَّ ومثلها معها؛ أي: إني قد استعجلت منه صدقة عامين، فهذه الصدقة التي أمرت بقبضها من الناس هي للعباس عليَّ ومثلها معها؛ أي: صدقة ثانية، على ما روى الحجاج بن دينار - وإن كان في القلب منه ـ، عن الحكم، عن حجية بن عدي، عن علي بن أبي طالب؛ أن العباس بن عبد المطلب سأل رسول الله في تعجيل صدقته قبل أن تحل، فرخص له في ذلك».

ومما يؤيد ما ذهب إليه ابن خزيمة رواية ابن إسحاق: «فهي عليَّ ومثلها معها، هي له».

وقال ابن حبان: «وقوله في شأن العباس: «هو عليَّ ومثلها»؛ يريد: أن صدقته عليَّ أني ضامن عنه، ومثلها معها من صدقة ثانية من العام المقبل».

وفي هذا المعنى الأخير يقول ابن بطال في شرحه على البخاري (٣/ ٤٩٩): «فالمعنى: أنه أراد أن يؤديها عنه براً به، لقوله في الحديث: «أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه»».

وقال أيضاً: «وقد احتج من جعل الصدقة في حديث العباس صدقة الفريضة بهذا الحديث، فأجاز تعجيل الزكاة قبل محلها».

وقال البيهقي في السنن (٤/ ١١١ - ١١٢): «وحملوه [يعني: رواية شعيب ومن معه] على أنه كان أخر عنه الصدقة عامين من حاجة بالعباس إليها، والذي رواه ورقاء على أنه كان تسلف منه صدقة عامين، وفي ذلك دليل على جواز تعجيل الصدقة، فأما الذي رواه شعيب بن أبي حمزة: فإنه يبعد من أن يكون محفوظاً؛ لأن العباس كان رجلاً من صليبة بني هاشم تحرم عليه الصدقة، فكيف يجعل رسول الله ما عليه من صدقة عامين صدقة عليه؟ ورواه موسى بن عقبة عن أبي الزناد فقال في الحديث: «فهي له ومثلها معها»، وقد يقال: له بمعنى: عليه، فروايته محمولة على سائر الروايات، وقد يكون المراد بقوله: «فهي عليه» أي: على النبي ؛ ليكون موافقاً لرواية ورقاء، ورواية ورقاء أولى بالصحة لموافقتها ما تقدم من الروايات الصريحة بالاستسلاف والتعجيل، والله أعلم».

وقال في المعرفة عن رواية ورقاء: «واختلف على أبي الزناد في لفظه، وهذا الذي صححه مسلم أشبه بما رويناه، فهو أولى».

وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (١/ ٣٨٣): «قوله : فهي علي ومثلها» فيه وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>