عن مُعاذٍ: " أنّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كانَ في غَزْوةِ تَبوكَ إذا زاغتِ الشمسُ قبلَ أن يَرْتحِلَ جمعَ بينَ الظهرِ والعَصْرِ، وإن ارْتحلَ قبلَ أن تَزيغَ الشمسُ أخَّرَ الظهرَ حتى أوّلِ العَصرِ، وقالَ في المَغربِ مِثلَ ذلكَ " (٢١)، رواهُ أحمد، وأبو داود، والترمِذِيُّ، وقالَ: حسَن غَريب، ورجال إسْنادِهِ على شَرْطِ " الصحيحين "، لكنّهُ فَردٌ من الأفرادِ، لمْ يَرْوهِ أحدٌ سوى قُتيبَةَ عن الليْثِ، وقال أبو داود: ليسَ في تقديمِ الوقتِ حديثٌ قائمٌ، وقد تكلَّمَ الحُفّاظُ في هذا الحديثِ كثيراً، حتى قالَ الحاكمُ أبو عبدِ اللهِ: نظَرنا فإذا الحديثُ موضُوعٌ، ثمّ حكى عن البخاري ما يدُلُّ على أنَّ خالدَ بنَ القاسمِ المَدائِنيِّ كذّابٌ أدْخلَهُ على قُتَيْبةَ حيثُ سمعاهُ من اللّيْثِ، قلتُ: لكن قد رويَ لهذا الحديثِ شواهدُ من طرُقٍ عن ابنِ عبّاسٍ وأنسٍ.
وأخرجا في " الصّحيحينِ ": أنّهُ عليهِ السلامُ جمَعَ يومَ عَرَفةَ العَصْرِ إلى الظهرِ (٢٢)، وما ذاك إلا كما قالَ الشافعيُّ: إنّهُ أرادَ الرّفق، وقد حرَّرتُ هذا في الأصلِ.
عن جابرٍ في حديثِ المناسكِ الطويلِ الذي رواهُ مسلم، قال فيه: " ثمَّ أذَّنَ ثُم أقامَ، فصلّى الظهرَ، فصلّى العَصْرَ، ولمْ يُصلِّ بينَهما شيئاً " (٢٣).
اسْتَدلّوا بهذا على وجوبِ تقديمِ الأُولى في وَقْتِ الأُولى، والمُولاةِ، فأمّا في وقتِ الثانيةِ.