فروةُ بن نُفاثَةَ الجُذَامّي، فلما التقى المسلمون والكفَّارُ ولَّى المسلمون مدبرين. فطفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَركُضُ بغلتَهُ قبل الكفار، قال العباس: وأنا آخِذٌ بخطام (١) بغلةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكفّها إرادةَ ألا تسرع وأبو سفيان آخِذ بركَابِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقَال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أي عَباسُ! نادِ أصحاب السَّمُرةِ" فقال عباس: (وكان رجلًا صيتاً): فقلتُ بأعلى صوتي: أين أصحابُ السَّمُرةِ، قال: والله لكأن عَطْفَتَهُم حين سمعوا صوتي عطفةُ البقر على أولادِهَا، فقالوا: يا لبَّيْك يا لبَّيْك! قال: فاقتتلُوا والكُفَّار والدَّعوَةُ في الأنصارِ يقولون: يا معشر الأنصار (٢)! ثم قُصِرَتِ الدعوةُ علي بني الحارث بن الخزرَجِ (٣)، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على (٤) بغلته كالمُتَطَاوِلِ عليها، إلى قتالِهِم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا حِينَ حَمِيَ الوَطِيسُ"، قال: ثم أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصياتٍ فرمى بهن وجوه الكُفار، ثم قال:"انهزَمُوا ورب محمدٍ"، قال: فذهبتُ أنظر، فإذا القتالُ على هيئتِهِ فيما أرى، قال: فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياتِهِ فما زِلتُ أرى حدَّهم كلِيلاً وأمرهم مُدْبِراً.
وعن سلمة بن الأكوع (٥)، في هذا الحديث قال: فلما غَشُوا (٦) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل عن البغلةِ ثم قبض قبضةً من تُرابِ الأرض (٧)، ثم استقبل بها (٨) وجوههم فقال: "شاهتِ الوُجُوهُ" فما خلق الله منهم إنساناً
(١) مسلم: (بلجام). (٢) في مسلم مكررة. (٣) مسلم: (فقالوا: يا بن الحارث بن الخزرج! يا بني الحارث بن الخزرج). (٤) مسلم: (وهو على). (٥) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (٨١) (٦) غشوا: أي أتوه من كل جانب. (٧) مسلم: (من تراب من الأرض). والأرض ليست في (ف). (٨) مسلم: (به). وكذا (ف).