وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة ٣٤]، ومن أوضح سبلهم في أكل أموال الناس بالباطل تحليل ما حَرَّمَ الله، وتحريم ما أحل الله، تبعًا لأهوائهم، وإرضاءً لأتباعهم، قال الآلوسي (ت: ١٢٧٠): (وقيل اتخاذهم أربابا بالسجود لهم ونحوه مما لا يصلح إلا للرب ﷿ وحينئذ فلا مجاز، إلا أنه لا مقال لأحد بعد صحة الخبر عن رسول الله ﷺ (١).
وقال الشنقيطي (٢)(ت: ١٣٩٣): (وهذا التفسير النبوي المقتضي: أن كُلَّ من يتبع مُشَرِّعًا فيما أحلَّ وحرَّم، مُخالفًا لتشريع الله، أنّه عابد له، مُتَّخِذه رَبًّا، مُشركٌ به، كافرٌ بالله = هو تفسير صحيح لاشك في صحته، والآيات القرآنية الشاهدة لصحته لا تكاد تُحصيها في المصحف الكريم)(٣).
وهو ما ذَهَب إليه جمهور المفسرين كمقاتل (٤)(ت: ١٥٠)، والفرَّاء (٥)(ت: ٢٠٧)، وابن جرير (ت: ٣١٠)، والسمرقندي (٦)(ت: ٣٧٥)، والثعلبي
(١) روح المعاني ١٠/ ٨٤. (٢) محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي، أصولي لغوي مفسر، صَنَّفَ: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، ودفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب، توفي سنة (١٣٩٣). ينظر: الأعلام ٦/ ٤٥، وأضواء البيان ١٠/ ٢٦٧. (٣) العذب النمير ٥/ ٢٢٦٦، وينظر: تفسير السمعاني ٢/ ٣٠٣. (٤) مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي مولاهم، أبو الحسن البلخي، المفسر المقرئ، اشتهر علمه بالتفسير، وعن الشافعي: (الناس عيال في التفسير على مقاتل)، صَنَّفَ: التفسير الكبير، ونوادر التفسير، والوجوه والنظائر، توفي سنة (١٥٠). ينظر: السير ٧/ ٢٠١، وطبقات المفسرين، للداوودي (ص: ٥٢٠). (٥) يحيى بن زياد بن عبد الله الأسدي مولاهم الكوفي، أبو زكريا الفراء، من أئمة نحاة الكوفة، والمُقَدّم فيهم، قال ابن تيمية: (والفراء في الكوفيين، مثل سيبويه في البصريين) مجموع الفتاوى ١٥/ ٢٥٨. له كتاب: معاني القرآن، وغيره، توفي سنة (٢٠٧). ينظر: معجم الأدباء ٦/ ٢٨١٢، وبغية الوعاة ٢/ ٣٣٣. (٦) نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، أبو الليث السمرقندي، إمام الهدى، من كبار أئمة الحنفية، فقيه مفسر، صَنَّفَ تفسيره المسمى: بحر العلوم، توفي سنة (٣٧٥). ينظر: السير ١٦/ ٣٢٢، والجواهر المضيئة ٣/ ٥٤٤.