لعريض القفا)؛ لأن هذا الوِساد الذي قد غَطّى الليل والنهار بعرضه، لا يرقد عليه ولا يتوسَّدُه إلا قفًا عريض؛ حتّى يناسب عرضُه عرضَه .. ، ويدل عليه أيضًا ما زاده البخاري قال:(إنّ وِسادك إذًا لَعريضٌ إن كان الخيط الأبيض والأسود تحت وِسادك)(١)(٢)، واختار هذا المعنى القاضي عياض (ت: ٥٤٤)، والنووي (ت: ٦٧٦)، وابن كثير (٣)(ت: ٧٧٤)(٤)، وهو الموافق للروايات السابقة، بخلاف من ذهب إلى أنه كناية عن الغباء، وتعريض بقلة الفهم (٥)؛ فإنه لا يتناسب مع أخلاق النبوة، وقدر الصحابة ﵁، كما أنّ عدِيًّا ﵁(حمل اللفظ على حقيقته اللسانية؛ إذ هي الأصل؛ إذ لم يتبيّن له دليل التجوُّز، ومن تمَسَّكَ بهذا الطريق لم يستحق ذمًّا، ولا يُنسَبُ إلى جهل)(٦)، قال الطحاوي (٧)(ت: ٣٢١) عَنْ فعل عَدي ومن معه من الصحابة: (فلم يُعَنِّفهم- ﷺ على ما كان منهم، ولم يقل لهم: قد كان الأبيض والأسود اللَّذَان عُنِيا في هذه الآية غير ما ذهبتم إليه .. ، ولم يَعِب عليهم ﷺ استعمال الظاهر في ذلك)(٨).
(١) / ٣١ (٤٥٠٩). (٢) المُفهم ٣/ ١٤٩. (٣) إسماعيل بن عمر بن كثير القيسي، عماد الدين أبو الفداء الشافعي الدمشقي، إمام مفسر محدث، له تفسير القرآن العظيم، والبداية والنهاية، وغيرها، توفي سنة (٧٧٤). ينظر: طبقات الداوودي (ص: ٧٩)، وشذرات الذهب ٨/ ٣٩٧. (٤) ينظر: مشارق الأنوار ٢/ ٥٠٤، وشرح النووي على مسلم ٣/ ١٦٤، وتفسير ابن كثير ١/ ٤٧٥. (٥) كأبي المُظَفر السمعاني في تفسيره ١/ ١٨٨، والزمخشري في الكشاف ١/ ٢٣٠، والرازي في تفسيره ٥/ ٩٤، وأبي حيّان في تفسيره ٢/ ٥٨، وابن الأثير في النهاية ٥/ ١٥٩. (٦) المُفهم ٣/ ١٤٩. (٧) أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي، أبو جعفر الشافعي الحنفي المصري، إمام فقيه حافظ، صنف معاني الآثار، وأحكام القرآن، ونوادر القرآن، توفي سنة (٣٢١). ينظر: السير ١٥/ ٢٧، والجواهر المضيئة ١/ ٢٧١. (٨) أحكام القرآن ١/ ٦٤.