الأقوال كُلّها، ويرجع إلى شيء واحد، وهو ترك المعاونة بِمالٍ أو منفَعَةٍ؛ ولهذا قال محمد بن كعب: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ [الماعون ٧]، قال: المعروف) (١). وأما الوعيد بالويل على مانع الماعون، وعدم مناسبته للقول بالعموم، فيُجَابُ عنه بوجوه:
الأول: قولُ عكرمة (ت: ١٠٥) لِمَنْ سأله عن الماعون فقال: العارية. فقال الرجل: فمن يمنع متاع بيته فله الويل؟ قال:(لا، ولكن إذا جمعهن ثلاثتهن فله الويل؛ إذا سهى عن الصلاة، ورايا، ومنع الماعون)(٢).
الثاني: أن المعنى العام يشمل الزكاة وغيرها مما يجب بذله، فيتوجه الوعيد على منع هذا الواجب، ومانع العارية- وهي ممَّا يعود إليه- أقرب إلى منع غيرها مما لا يعود حِسًّا، كالزكاة مثلًا.
الثالث: أن مانع الماعون بالمعنى العام يكون في نهاية البخل، والمنافقون كذلك، كما قال تعالى عنهم ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ [الحديد ٢٤]، فيتوجه الوعيد إليهم. (٣)
واختار العموم في الآية علي بن أبي طالب ﵁، وعكرمة (ت: ١٠٥)، والقرظي (ت: ١٠٨)، والكلبي (ت: ١٤٦)، وابن جرير (ت: ٣١٠)، والجصاص (ت: ٣٧٠)، والواحدي (ت: ٤٨٦)، وابن العربي (ت: ٥٤٣)، والقرطبي (ت: ٦٧١)، والبيضاوي (ت: ٦٨٥)، والرازي (ت: ٦٠٤)، وابن كثير (ت: ٧٧٤). (٤)
* * *
(١) تفسير القرآن العظيم ٨/ ٣٨٧١. (٢) الوسيط ٣/ ٥٥٩، وبحر العلوم ٣/ ٥١٨. (٣) ينظر: التفسير الكبير ٣٢/ ١٠٨. (٤) ينظر: جامع البيان ٣٠/ ٤١٢، وأحكام القرآن، للجصاص ٣/ ٦٤٣، والكشف والبيان ١٠/ ٣٠٥، والوجيز ٢/ ١٢٣٥، وأحكام القرآن، لابن العربي ٣٤٣، والجامع لأحكام القرآن ١٤٦، أنوار التنْزيل ٢/ ١١٧٤، والتفسير الكبير ٣٢/ ١٠٩، وتفسير ابن كثير ٨/ ٣٨٧١.