وقال ابن فارس (ت: ٣٩٥): (الراء والباء والطاء أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على: شَدٍّ وثَبَات)(١).
ومن ثَمَّ فلُزوم موضع الصلاة لانتظار الصلاة، والمداومة على تلك الحال، رِباطٌ صحيح لُغَةً، قال الواحدي (ت: ٤٦٨): (وإنما سُمِّيَ انتظار الصلاة بعد الصلاة رباطًا؛ لأن كلَّ من صبر على أمرٍ يُقال: رَبَطَ قلبه عليه، وَرَبَطَ نفسَه، وقال لبيد (٢):
رابطُ الجَأشِ على كُلِّ وَجَل
أي: صابرٌ ثابت) (٣). وقال الرازي (ت: ٦٠٤): (وأصل الرباط من الربط، وهو: الشَّدُّ، يُقال لكلِّ من صبر على أمرٍ: ربط قلبه عليه، وقال آخرون: الرباط هو: اللزوم والثبات، وهذا المعنى أيضًا راجعٌ إلى ما ذكرناه من الصبر وربط النفس)(٤). واعتمد أبو هريرة ﵁ كذلك في تحديد المراد بهذه اللفظة على معرفة حال من نزل فيهم القرآن، فقال:(أما إنه لم يكن في زمان النبي ﷺ غزو يُرابِطون فيه)، فصار المرادُ رِباطًا آخَرَ كان موجودًا في زمان النبي ﷺ وقت نزول القرآن، وهو: انتظار الصلاة بعد الصلاة. ثم ارتكز بيان أبي هريرة ﵁ لمعنى الآية على ما يصح أن يكون معنى لها من كلام النبي ﷺ(٥)، وهو ما اصطُلِحَ على تسميته: التفسير بالسنة، فروى أبو هريرة ﵁ عن رسول الله ﷺ أنه قال: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا،
(١) مقاييس اللغة ١/ ٥٠٧. (٢) لبيد بن ربيعة بن عامر بن مالك، أبو عقيل الكلابي الجعفري، صحابي شاعر مشهور، عاش مائة وعشرين سنة، وأدرك الإسلام فأسلم، مات بالكوفة سنة (٤١). ينظر: طبقات فحول الشعراء ١/ ١٣٥، والإصابة ٥/ ٥٠٠. والبيت في ديوانه (ص: ١٢٢). (٣) الوسيط ١/ ٥٣٩، وينظر: المُفْهِم ١/ ٥٠٨. (٤) التفسير الكبير ٩/ ١٢٧. (٥) ينظر: الوسيط ١/ ٥٣٨.