والأوّل أرجح؛ لاعتماد الصحابة عليه في البيان، كما في جواب ابن عباس ﵁ لعمر، إذ جعل سبب النُّزول من الأوجه التي تبين المُراد، ولم يقتصر عليه في البيان، فهو تابعٌ للمعنى العام الذي استدل له بالسياق وبحقيقة اللفظ- كما فسره عمر- وأشار إلى سبب النُّزول بين ذلك. ولِما استقر من أن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، وهو الحق (٢). واختاره الشافعي (ت: ٢٠٤)(٣)، والنحاس (ت: ٣٣٨) وقال: (هذا أحسن من الأوَّل؛ لأن فيها ﴿إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا﴾ [المائدة ٩٣]، و"إذا" لا تكون للماضي، فالمعنى على هذا- والله أعلم-: للمؤمنين قبلُ وبعدُ على العموم) (٤)، واختاره الزمخشري (ت: ٥٣٨)، وابن العربي (ت: ٥٤٣)، والبيضاوي (ت: ٦٨٥)، والطوفي (ت: ٧١٦)(٥)، وابن تيمية (ت: ٧٢٨)(٦)، وأبو السعود (٧)(ت: ٩٨٢)، والشوكاني (ت: ١٢٥٠)(٨).
(١) البحر المحيط ٤/ ١٨. (٢) ينظر: التحرير والتنوير ٧/ ٣٤. (٣) أحكام القرآن، جمع البيهقي ٢/ ١٨٥. (٤) معاني القرآن ٢/ ٣٥٨، وينظر: إعراب القرآن ١/ ٢٨١. (٥) ينظر: الكشاف ١/ ٦٦٢، وأحكام القرآن ٢/ ١٢٦، ١٢٨، وأنوار التنْزيل ١/ ٢٨٥، والإشارات الإلهية ٢/ ١٣٧. (٦) مجموع الفتاوى ٢٠/ ١٥٣، وفي ١١/ ٤٠٣ فسَّرَها بالمعنى الثاني على سبب النُّزول، مع ذِكره لقصة قُدامة وجواب عمر له. (٧) محمد بن محمد بن مصطفى العمادي، أبو السعود الحنفي، مفسر فقيه شاعر، صَنَّف تفسيره: إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، توفي سنة (٩٨٢). ينظر: شذرات الذهب ١٠/ ٥٨٤، والكواكب السائرة ٣/ ٣٥. (٨) ينظر: إرشاد العقل السليم ٣/ ٧٧، وفتح القدير ٢/ ١٠٥.