قالوا: إنَّ من يعلّم غيره القرآن فهو خليفة رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - فيما يعمل، فإنّه بُعث معلّمًا، وهو ما كان يطمع في أجر على التعليم، فكذلك من يخلفه (١).
الدّليل الثّاني:
قالوا: إنَّ تعليم القرآن قربة، والقربة متى حصلت وقعت عن العامل، ولهذا تعتبر أهليته فلا يجوز له أخذ الأجر من غيره، كما في الصّلاة والصيام (٢).
[مناقشة الاستدلال]
أوَّلًا: ناقش ابن الهمام (٣) هذا الدّليل فقال: "ينتقض هذا بما ذكره المصنفر (٤) في باب الحجِّ عن الغير من كتاب الحجِّ حيث قال: "ثمّ ظاهر المذهب أن الحجِّ يقع عن المحجوج عنه، وبذلك تشهد الأخبار الواردة في الباب، كحديث الخثعمية، فإنّه عليه الصّلاة والسلام قال فيه:(حجّي عن أبيك واعتمري)(٥) فإن ذلك صريح في وقوع القربة عن غير العامل ... " (٦).
(١) المبسوط للسرخسي ٤/ ٣٧. (٢) الهداية شرح البداية للمرغيناني مع شرحها فتح القدير ٧/ ١٧٩. (٣) هو: محمّد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود، كمال الدِّين الصروف بابن الهمام، الإمام الحنفي الفقيه الأصولي، كان مجتهدًا في المذهب مجتنبًا للتعصب، ترك مؤلفات كثيرة منها: شرح فتح القدير، التحرير في أصول الفقه، ورسالة في النحو والإعراب، وغيرها توفي سنة ٨٦١ هـ بالإسكندرية. انظر: شذرات الذهب لابن العماد ٩/ ٤٣٧، الفوائد البهية، ص: ١٨٠. (٤) هو: المرغيناني صاحب الهداية. (٥) سبق تخريجه في مبحث النيابة في الحجِّ. (٦) شرح فتح القدير لابن الهمام ٧/ ١٧٩، ١٨٠.