ثانيًا: قالوا: إنَّ هذا الحديث منسوخ بالأحاديث الواردة في الوعيد على أخذ الأجرة على تعليم القرآن (١).
الجواب عن هذه المناقشة:
أجيب عن هذه المناقشة بجوابين:
الجواب الأوّل: أن هذا إثبات للنسخ بالاحتمال، وهو مردود؛ لأنّ من شرط الناسخ أن يكون متأخرًا، ولا سبيل إلى هذا هنا (٢).
الجواب الآخر: هو ما سبق أن أجيب به عن النصوص الواردة في الوعيد على أخذ الأجر على القرآن عند ذكر أدلة أصحاب القول الثّالث؛ كما تقدّم.
الدّليل الثّاني: قصة أبي سعيد الخدري وأصحابه في أخذ الجعل على الرقية بكتاب الله. حيث رقى أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - الرَّجل بفاتحة الكتاب على جعل، فلما قدموا على رسول الله ذكروا له ذلك، فقال - صلّى الله عليه وسلم -: (وما يدريك أنّها رقية)؟، ثمّ قال - صلّى الله عليه وسلم -: (لقد أصبتم، اقسموا، واضربوا في معكم بسهم)(٣).
[وجه الاستدلال]
حيث دلّ الحديث على جواز أخذ الأجرة على القرآن الكريم، فكذلك الحجِّ؛ لأنّ كلًا منهما ممّا يتعدى فعه، ويختص فاعله أن يكون من أهل القربة (٤).
(١) رسائل ابن عابدين: ١/ ١٥٥. (٢) رسائل ابن عابدين: ١/ ١٥٥، فتح الباري للحافظ ابن حجر: ٤/ ٥٣٠. (٣) أخرجه البخاريّ، كتاب الإجارة، باب من ما يعطى في الرقية على أحياء العرب ... : ٤/ ٥٢٩ (٢٢٧٦)، ومسلم في كتاب السّلام، باب جواز الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار: ٤/ ١٧٢٧ (٢٢٠١). (٤) المغني لابن قدامة: ٥/ ٢٣.