ثم روى عن ابن المسيبى (١) أنه قال: ما كنا نستعيذ البتة.
وروى عن نافع (٢) أنه كان يجهر بالتسمية، ويخفى الاستعاذة عند افتتاح السور ورءوس الآى (٣).
[ثم](٤) قال المصنف: وقد صح إخفاء (٥) التعوذ من رواية المسيبى. وسيأتى عن حمزة (٦).
واعلم أن فى البيت (٧) أربع مسائل: حكم الاستعاذة، وابتداؤها ب «أعوذ»، وكونها كالنحل، [وجهرا](٨).
فقوله (٩): (لجميع القراء) إما حال من (أعوذ)، أى: قل هذا اللفظ لجميع القراء؛ لقول المصنف فى «نشره»: نقل عن حمزة: أستعيذ، ولا يصح؛ فيكون إجماعا، أو متعلق ب «جهرا» ثم استثنى حمزة، وهو صريح كلام الدانى، ولما (١٠) صح عنده [إخفاء](١١) الاستعاذة عن نافع لم يستثنه، أو ب (كالنحل) تبعا للسخاوى وغيره، وهو أبعدها؛ لتجويزه [الزيادة](١٢) والتغيير، والأولى أن يكون المراد: قل التعوذ ابتداء لجميع القراء؛ لأنه طعن فيما روى عن حمزة وأبى حاتم.
[تنبيه:]
أطلقوا الجهر، وقيده أبو شامة بحضرة سامع، قال: لأنه [من فوائدها أن السامع](١٣) راح ينصت للقراءة من أولها فلا يفوته شىء، وعند الإخفاء لم يعلم السامع إلا بعد فوات جزء، وهذا الفارق بين الصلاة وغيرها؛ [فإن المختار فيها](١٤) الإخفاء. انتهى. وهو كلام حسن لا بد منه.
وقال الجعبرى- رحمه الله-: «هى على سنن القراءة، إن جهرا فجهر، وإن سرّا فسر».
قلت: وفيه نظر؛ لأن المأتى بها لأجله يحصل بالجهر والسر (١٥).
وأيضا فالإجماع على أنها دعاء لا قرآن، فينبغى السر بها جريا على سنن الدعاء، وفرقا بين القرآن وغيره [كأن] دعت الضرورة إلى الجهر بها بحضرة سامع، ومحل الضرورة [فى مثله](١٦) لا يتجاوز.
(١) فى م: ابن المسيب. (٢) فى د، ص: عن أبيه عن نافع. (٣) فى د: الأثمنة. (٤) زيادة من ز. (٥) فى م: وقد صح السند. (٦) فى م: رواية حمزة. (٧) فى م: فى أول البيت. (٨) سقط فى م. (٩) فى م: بقوله. (١٠) فى د: وكما. (١١) زيادة من د، ص. (١٢) سقط فى م. (١٣) زيادة من ص، د. (١٤) فى ص: وإن المختار منها. (١٥) فى م: وبالسر. (١٦) زيادة من د، ص.