وقال ابن عبد البر: كان وقورًا حليمًا كثير التلاوة ليلًا ونهارًا، قوي المعرفة باختلاف العلماء، ولي القضاء عشرة أعوام ما ضرب فيها -فيما قيل- سوى واحد مجمع على فسقه، وكان يتوقف ويتثبت، ويقول: التأني أخلص، إن النبي ﷺ لما أشكل عليه أمر حديث حويصة ومحيصة، ودى القتيل من عنده.
وكان الناصر لدين الله يحترمه ويبجله.
توفي على القضاء: سنة أربع وعشرين وثلاث مائة.
قلت: وفي ذريته أئمة وفضلاء، آخرهم أبو القاسم أحمد بن بقي، بقي إلى سنة خمس وعشرين وست مائة.
٢٨٩٥ - أبو صالح (٢):
هو الزاهد العابد شيخ الفقراء بدمشق، أبو صالح مفلح، صاحب المسجد الذي بظاهر باب شرقي، وبه يعرف، وقد صار ديرًا للحنابلة.
صحب أبا بكر بن سيد حمدويه.
حكى عنه: موحد بن إسحاق، وعلي بن القجة، ومحمد بن داود الدقي.
وقد ساح بلبنان في طلب العباد. وحكى: أنه رأى في جبل اللكام فقيرًا عليه مرقعة،
فقال: ما تصنع هنا؟ قال: أنظر وأرعى. قلت: ما أرى بين يديك شيئًا؟ قال: فتغير، وقال أنظر خواطري، وأرعى أوامر ربي.
مات سنة ثلاثين وثلاث مائة. قاله ابن زبر في "الوفيات".
(١) ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "٦/ ٢٨٣"، والعبر "٢/ ٢٠٠"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "٢/ ٣٠١". (٢) ترجمته في العبر "٢/ ٢٢٤"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "٣/ ٢٧٥"، وشذرات الذهب لابن العماد "٢/ ٣٢٨".