وقال أبو إسحاق الفزاري، عن سفيان، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس، لأنهم أهل كتاب، وكان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم، لأنهم أهل أوثان، فذكر ذلك المسلمون لأبي بكر، فذكره للنبي ﷺ فقال:"أما إنهم سيظهرون". فذكر أبو بكر لهم ذلك، فقالوا: اجعل بيننا وبينكم أجلا، فجعل بينهم أجلَ خمسِ سنين فلم يظهروا، فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله ﷺ فقال:"ألا جعلته -أراه قال- دون العشرة"، قال: فظهرت الروم بعد ذلك. فذلك قوله تعالى: ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ [الروم: ٢ - ٤].
قال سفيان الثوري: وسمعت أنهم ظهروا يوم بدر.
وقال الحسين بن الحسن بن عطية العوفي: حدثني أبي، عن جدي، عن ابن عباس: ﴿الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢)﴾ [الروم: ١، ٢] قال: قد مضى ذلك وغلبتهم فارس، ثم غلبتهم الروم بعد ذلك، ولقي نبي الله ﷺ مشركي العرب، والتقت الروم وفارس، فنصر الله النبي ﷺ على المشركين، ونصر الروم على مشركي العجم، ففرح المؤمنون بنصر الله إياهم ونصر أهل الكتاب.
قال عطية: فسألت أبا سعيد الخدري عن ذلك، فقال: التقينا مع رسول الله ﷺ نحن ومشركو العرب، والتقت الروم وفارس، فنصرنا الله على المشركين، ونصر الله أهل الكتاب على المجوس، ففرحنا بنصرنا ونصرهم (١).
وقال الليث: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: لما نزلت هاتان الآيتان -يعني أول الروم- ناحب أبو بكر بعض المشركين -يعني راهن قبل أن يحرم القمار- على شيء، إن لم تغلب فارس في سبع سنين، فقال رسول الله ﷺ:"لم فعلت؟ فكل ما دون العشر بضع". فكان ظهور فارس على الروم في سبع
(١) ضعيف: أخرجه الترمذي "٢٩٣٥" و"٣١٩٢" من طريق المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن سليمان الأعمش، عن عطية، به. وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. قلت: إسناده ضعيف، آفته عطية العوفي، فإنه ضعيف.