قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ﴾ [الأحقاف: ٢٩]، وقال: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ [الأنعام: ١٣٠] وأنزل فيهم سورة الجن.
وقال أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: ما قرأ رسول الله ﷺ على الجن ولا رآهم، انطلق رسول الله ﷺ في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب، قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها. قال: فانصرف أولئك النفر الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله وهو بنخلة، عامدا إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له، فقالوا: هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك حين رجعوا إلى قومهم فقالوا: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾، فأنزلت: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ﴾ [الجن: ١]، متفق عليه (١).
ويحمل قول ابن عباس: إن النبي ﷺ ما قرأ على الجن ولا رآهم، يعني أول ما سمعت الجن القرآن، ثم إن داعي الجن أتى النبي ﷺ كما في خبر ابن مسعود، وابن مسعود قد حفظ القصتين، فقال سفيان الثوري عن عاصم عن زر، عن عبد الله قال: هبطوا على رسول الله ﷺ وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة، فلما سمعوه أنصتوا، قالوا: صه، وكانوا سبعة أحدهم زوبعة، فأنزل الله تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ﴾ [الأحقاف: ٢٩].
وقال مسعر، عن معن، قال: حدثنا أبي، قال: سألت مسروقا: من آذن النبي ﷺ ليلة استمعوا القرآن؟ فقال: حدثني أبوك، يعني ابن مسعود: أنه آذنته بهم شجرة. متفق عليه (٢).
وقال داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة، قال: قلت لابن مسعود: هل صحب
(١) صحيح: أخرجه البخاري "٧٧٣"، ومسلم "٤٤٩". (٢) صحيح: أخرجه البخاري "٣٨٥٩"، ومسلم "٤٥٠" "١٥٣" من طريق أبي أسامة، عن مسعر، به.