"لو أخذ الناس شعبا وأخذت الأنصار شعبا أخذت شعب الأنصار". قالوا: رضينا يا رسول الله. قال:"فارضوا". أخرجه مسلم (١).
وقال ابن عون، عن هشام بن زيد، عن أنس، قال: لما كان يوم حنين؛ فذكر القصة، إلى أن قال: وأصاب رسول الله ﷺ يومئذ غنائم كثيرة، فقسم في المهاجرين والطلقاء، ولم يعط الأنصار شيئا. فقالت الأنصار: إذا كانت الشدة فنحن ندعى، ويعطى الغنيمة غيرنا. قال: فبلغه ذلك، فجمعهم في قبة وقال:"أما ترضون أن يذهب الناس بالدنيا، وتذهبوا برسول الله تحوزونه إلى بيوتكم"؟ قالوا: بلى، يا رسول الله، رضينا. فقال:"لو سلك الناس واديا، وسلكت الأنصار شعبا، لأخذت شعب الأنصار". متفق عليه (٢).
وقال شعب، وغيره، عن الزهري: حدثني أنس، أن ناسا من الأنصار، قالوا: لرسول الله ﷺ؛ حين أفاء الله عليهم من أموال هوازن ما أفاءه، فطفق يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل؛ فقالوا: يغفر الله لرسول الله ﷺ، يعطي قريشا ويدعنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم. فبلغ رسول الله ﷺ ذلك، فجمعهم في قبة من أدم، ولم يدع معهم أحدا غيرهم، فلما اجتمعوا، قال: ما حديث بلغني عنكم؟ فقال له فقهاؤهم: أما ذوو رأينا فلم يقولوا شيئا.
فقال:"فإني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم، أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال، وترجعون إلى رحالكم برسول الله؟ فوالله ما تنقلبون به خير ما ينقلبون به".
قالوا: قد رضينا. فقال:"إنكم ستجدون بعدي أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله على الحوض". قال أنس: فلم نصبر. متفق عليه (٣).
وقال ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن أبي سعيد، قال: لما قسم رسول الله ﷺ للمتألفين من قريش، وفي سائر العرب، ولم يكن في الأنصار منها قليل ولا كثير، وجدوا في أنفسهم. وذكر نحو حديث أنس.
(١) صحيح: أخرجه أحمد "٣/ ١٥٧ - ١٥٨"، ومسلم "١٠٥٩" "١٣٦" من طريق معتمر بن سليمان التيمي، به. وأخرجه أحمد "٣/ ١٧٢ و ٢٧٥"، والبخاري "٤٣٣٤"، ومسلم "١٠٥٩" "١٣٣"، والترمذي "٣٩٠١" وأبو يعلى "٣٠٠٢" من طريق شعبة، عن قتادة، عن أنس، به. (٢) صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "١٤/ ٥٢٢"، وأحمد "٣/ ٢٧٩ - ٢٨٠"، والبخاري "٤٣٣٣" و"٤٣٣٧"، ومسلم "١٠٥٩" "١٣٥" من طريق ابن عون، به. (٣) صحيح: أخرجه البخاري "٣١٤٧"و "٤٣٣١"و"٥٨٦٠" و "٧٤٤١"، ومسلم "١٠٥٩" "١٣٢" من طرق عن الزهري، به.