فيقبل رجل على فرس فيضربني وترست له فلم يصنع شيئًا وولى فأضرب عرقوب فرسه فوقع على ظهره. فجعل النبي ﷺ يصيح:"يابن أم عمارة أمك أمك" قالت: فعاونني عليه حتى أوردته شعوب (١).
قال: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني ابن أبي سبرة، عن عمرو بن يحيى، عن أمه، عن عبد الله بن زيد قال: جرحت يومئذ جرحًا وجعل الدم لا يرقأ. فقال النبي ﷺ:"اعصب جرحك".
فتقبل أمي إلي ومعها عصائب في حقوها (٢) فربطت جرحي والنبي ﷺ واقف فقال: "انهض بني فضارب القوم" وجعل يقول: "من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة"؟!.
فأقبل الذي ضرب ابني فقال رسول الله:"هذا ضارب ابنك". قالت: فأعترض له فأضرب ساقه فبرك.
فرأيت رسول الله ﷺ يبتسم حتى رأيت نواجذه وقال:"استقدت (٣) يا أم عمارة"!
ثم أقبلنا نعله (٤) بالسلاح حتى أتينا على نفسه فقال النبي ﷺ: "الحمد لله الذي ظفرك".
أخبرنا محمد بن عمر، حدثني ابن أبي سبرة، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة، عن الحارث بن عبد الله: سمعت عبد الله بن زيد بن عاصم يقول: شهدت أحدًا فلما تفرقوا، عن رسول الله ﷺ دنوت منه أنا وأمي نذب عنه. فقال:"ابن أم عمارة"؟ قلت: نعم قال: "ارم" فرميت بين يديه رجلًا بحجر وهو على فرس فأصبت عين الفرس فاضطرب الفرس. فوقع هو وصاحبة وجعلت أعلوه بالحجارة والنبي ﷺ يبتسم.
ونظر إلى جرح أمي على عاتقها فقال:"أمك أمك! اعصب جرحها! اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة".
(١) شعوب: من أسماء المنيه غير مصروف، وسميت شعوب لأنها تفرق. (٢) الحقو: معقد الإزار، وجمعه أحق وأحقاء، ثم سُمي به الإزار للمجاورة. (٣) استقدت: اقتصصت من القود وهو القصاص. (٤) نعله: نتابع ضربه.