الحلقتين اللتين دخلتا من المغفر في وجنة رسول الله ﷺ من ضربة أصابته فانقلعت ثنيتاه، فحسن ثغره بذهابهما حتى قيل ما رؤي هتم قط أحسن من هتم أبي عبيدة (١).
وقال أبو بكر الصديق وقت وفاة رسول الله ﷺ بسقيفة بني ساعدة: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمر، وأبا عبيدة.
قال الزبير بن بكار: قد انقرض نسل أبي عبيدة، وولد إخوته جميعًا، وكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة. قاله ابن إسحاق، والواقدي (٢)
قلت: إن كان هاجر إليها فإنه لم يطل بها اللبث.
وكان أبو عبيدة معدودًا فيمن جمع القرآن العظيم.
قال موسى بن عقبة في "مغازيه": غزوة عمرو بن العاص هي غزوة ذات السلاسل (٣) من مشارف الشام، فخاف عمرو من جانبه ذلك، فاستمد رسول الله ﷺ فانتدب أبا بكر وعمر في سراة من المهاجرين فأمر نبي الله عليهم أبا عبيدة، فلما قدموا على عمرو بن العاص قال: أنا أميركم، فقال المهاجرون: بل أنت أمير أصحابك، وأميرنا أبو عبيدة، فقال عمرو: إنما أنتم مدد أمددت بكم. فلما رأى ذلك أبو عبيدة بن الجراح، وكان رجلًا حسن الخلق، لين الشيمة، متبعًا لأمر رسول الله ﷺ وعهده فسلم الإمارة لعمرو.
وثبت من وجوهٍ، عن أنس أن رسول الله ﷺ قال:"إن لكل أمة أمينًا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح"(٤).
(١) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "٣/ ٤١٠"، وابن عبد البر في "الاستيعاب" "٢/ ٧٩٢"، والحافظ ابن حجر في "الإصابة" "٤٤٠٠"، والحاكم في "مستدركه" "٣/ ٢٦٦"، وابن هشام "٣/ ٣٥"، وقد أخرج البخاري ومسلم نحوه من طريق أبي قلابة عن أنس. والبخاري نحوه من حديث حذيفة. والهتم: انكسار الثنايا من أصولها خاصة. (٢) أخرجه الحاكم "٣/ ٢٦٦"، وابن سعد في "الطبقات" "٣/ ٤١٠". وأورده ابن هشام في "السيرة" "١/ ٢٣١". (٣) هذه الغزوة ذكرها ابن حجر في "الإصابة" "٤٤٠٠"، وابن جرير الطبري "٣/ ٢١ - ٣٢"، وابن هشام "٤/ ٤٨١"، وابن كثير في "البداية" "٥/ ٢٠٨"، وابن الأثير في "الكامل في التاريخ" "٢/ ٢٣٢". (٤) صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "٣/ ١٣٣، ١٨٩، ٢٤٥، ٢٨١"، وابن سعد "٣/ ٤١٢"، والبخاري "٣٧٤٤"، و"٤٣٨٢"، ومسلم "٢٤١٩" "٥٣"، والنسائي في "الفضائل" "٩٦"، وابن سعد "٣/ ٤١٢"، وأبو يعلى "٢٨٠٨"، وأبو نعيم "٧/ ١٥٧" من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك مرفوعا، وأخرجه أحمد "٣/ ١٢٥، ١٤٦، ١٧٥، ٢١٣، ٢٨٦" ومسلم "٢٤١٩" "٥٤"، وابن سعد "٣/ ٤١١"، وأبو نعيم "٧/ ١٥٧" من طريق ثابت عن أنس، به.