رحل في طلب العلم، وكان يطوف البلدان ويحرص على طلب الحديث، ويكتبه بنفسه، فدخل بغداد سنة ٦١١ هـ وسمع بها من أبي الفضل سليمان بن محمد الموصلي، وأبي محمد إسماعيل بن سعد الله بن حمدي، وأجاز له أبو الفرج ابن الجوزي، وأبو بكر الحازمي، وحدث بإجازتهما، وسمع من أبي محمد عبد العزيز بن منينا، وإسماعيل بن سعد الله بن حمدي، ورحل إلى همذان، فسمع بها من عبد البر ابن أبي العلاء الهمذاني، وإلى مصر فروى عن أصحاب عبد الله بن رفاعة السعدي، وأصحاب الحافظ أبي طاهر السلفي، وإلى الموصل وحران، وسمع بهما، وورد إربل غير مرة، ورحل مع أبي إسحاق الماراني إلى خراسان سنة ٦١٤ هـ.
حدث ببغداد ونصيبين ودمشق، وغيرها، وممن أخذ عنه أبو الحسن علي بن أحمد البكري وزكي الدين المنذري وأجازه، وغيره، وجمع مجاميع حسنة، وحدث بإربل، فاجتمع به ابن المستوفي، وذكر جملة من مسموعاته بها، منها:«شامل الإرشاد في الحث على الجهاد ست مجلدات، ووصف الشهيد وما له في الآخرة من الموعد والأمن من الوعيد، و «طراز المجالس جزء»، و «الوصية في اتخاذ الراحة وخدمة الفقراء»، و «الوصية» جزء، و «مقاطع شعرية»، وذكر من هذه الأخيرة قوله:
سهرت ليالي الوصل فيه محبة … وبت على نار الشوق أتحرق
عكفت عليه في الشتاء وصيفه … وصيرت خدي للأراضي يصفق
وألصقت بطني بالثرى لا لحاجة … سو نظرة منه أروم وأرمق
وألزمت نفسي بالصدود لغيره … عدو مصداق من الأهل مشفق
ومن صحبه الإخوان لا لتكبر … عليهم بلى قلبي بذا الحب موثق
وغبت عن الأكوان حتى رأيتني … غريبا على قرب الديار أحدق
وقد عاب عليه ابن المستوفي أشعاره، وقال بعد أن سرد نماذج من شعره: وفي
هذا الجزء أبيات رديئة أكثر من هذا، قد تكلفها مختلفة الوزن، كثيرة اللحن، لا