مما تقرر عند أهل العلم أن العلوم تشرف وتفضل على بعضها بشرف وفضل موضوعها، وإن موضوع هذا الكتاب هو فضائل رسول الله ﷺ، أي المزايا الكريمة والخصال الحميدة والدرجة العالية الرفيعة التي اتصف بها رسول الله ﷺ وامتاز بها عن الخلائق كافة، بمن فيهم الأنبياء عليهم أزكى الصلاة والسلام.
وذكر الحافظ ابن كثير عن شيخه أبي الحجاج المزي أن أول من تكلم في مقام الفضائل الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي (١)، ولا شك أن موضوع الفضائل هو أحد المصادر المهمة التي لا غنى عنها لمعرفة سيرة النبي ﷺ، من حيث أقواله وأفعاله وأحواله وأوصافه، وما يتعلق بدلائل نبوته ﷺ وعلاماتها، وغير ذلك مما هو معدود اعتقاده من أصول الدين، ومعلوم أن السيرة النبوية تتناول حياة النبي ﷺ من ولادته حتى وفاته، بحسب التسلسل الزمني، ويبين فيها هديه ﷺ في تلك الأحداث والوقائع، وما صاحب ذلك من دلائل ومعجزات، وما يختص به ﷺ.
ويعد موضوع الفضائل فرعا من فروع السيرة النبوية، يتناول جانبا من سيرته ﷺ، وبينه وبين فروع أخرى في السيرة العطرة اشتراك وتداخل، أعني كتب الدلائل والشمائل والخصائص، وذلك أن مقصود هذه الفروع جميعا شخصية رسول الله ﷺ، فقد تشمل الواقعة الواحدة أكثر من فرع، لذلك نجد مباحث الكتاب التي بلغت أربعة وثلاثين بابا بما مجموعه واحدا وثمانين وخمسمائة رواية، تتناسب جميعها مع العنوان الذي وسم به التميمي كتابه، لكن لا ضير أن تشترك هذه المباحث مع الفروع الأخرى.
وقد تبوأ الكتاب بموضوعه مكانة مهمة بين مصادر السيرة النبوية خاصة وكتب العلم عامة، وتتجلى أهمية الكتاب من خلال أمور عديدة وهي: