شرف وفضل موضوعه، ذلك أن جل مباحثه تدور حول سيرة رسول الله ﷺ التي هي الشريعة بعينها، فهو الله الدال على الله بما يصدر عنه ومنه، ومعلوم أن حاجة الخلق ماسة إلى الرسل وإلى معرفة أحوالهم وسيرهم، ومعرفة ما يصدر عنهم، وحتى أهل العلم على اختلاف مذاهبهم وفهومهم لم يتعدوا ما صدر عن الذات النبوية الشريفة.
يمكن اعتبار الكتاب من أوائل المصنفات في موضوع فضائل رسول الله ﷺ، فقد وجدت مصنفات في هذا الموضوع قبل زمن المصنف، لكن لا نعرف منها إلا اسمها، فلعل الأقدار تجود علينا بها كما جادت بهذا السفر الفريد.
كون الكتاب مصدرا حديثيا خصبا، فحرص مؤلفه أبي عبد الله التميمي على إيراد الأحاديث المرفوعة أو الموقوفة أو المقطوعة، أو حتى حكاية عن بعض الصالحين بالإسناد، جعل من الكتاب أصلا من الأصول الحديثية المعتمدة في توثيق أخبار فضائل رسول الله ﷺ، ولا يخفى على أحد أهمية الإسناد وضرورته في توثيق الأخبار وبيان صحيحها من سقيمها، فهو من خصائص هذه الأمة، وهو من الدين كما قال ابن المبارك، ولولاه لقال من شاء ما شاء (١).
كونه المصدر الوحيد الذي نقل جملة من المرويات سندا ومتنا، وقد ينفرد بإيرادها من طرق عديدة لا نجدها في أي مصدر سواه، بغض النظر عن صحة هذه الأخبار أو ضعفها، فيكون مصدرا مفيدا لرواد التخريج في العزو إليه.
المصدر كذلك سفر فريد، كتب في فترة زمنية عزيزة، وفي قطر إسلامي عزيز تقل المصادر المعتنية به وبأعلامه؛ إذ فقد كثير من تراث البصرة لا سيما في تراجم أعلامها، وفيه إبراز لما وصل إليه التأليف في القرنين الخامس والسادس الهجريين، وقد شاء الله ﷿ أن يحفظه من الزوال، مع هول ما أصاب المشرق الإسلامي