للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

[تمهيد]

لا ريب أن التعريف بشخصية علمية ما بكل تفاصيلها، يرتبط أشد الارتباط بالمصادر التي ترجمته أو بالمظان التي ذكر فيها، فبوفرة هذه المصادر أو المظان وكثرتها يستطيع الباحث أن يصول ويجول في التعريف بجوانب شتى في حياة الشخصية المراد التعريف بها، والعكس بالعكس، فبقلتها وندرتها يقف الباحث عاجزا حيال المترجم له، اللهم إلا رجما بالغيب أو تكلفا غير محمود.

وقد شهد تاريخ المكتبة الإسلامية أنماطا عديدة في التعريف بالتراجم، فوجد نمط أفردت فيه مصنفات لبيان أحوال وأخبار علم معين بأدق التفاصيل، كما هو صنيع أبي العباس المقري (ت ١٠٤١ هـ) في «أزهار الرياض»، بيانا منه وتعريفا بأحوال القاضي عياض، وكذا صنيع شمس الدين السخاوي (ت ٩٠٢ هـ) في «الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر»، وغيرهما، ووجد نمط آخر من التصنيف طغى على علم التراجم ويكاد يكون هو السائد في هذا الباب، اكتفى فيه واضعوه بتقديم صورة مجملة عن المترجم حسب ما توفر لديهم من مظان، فاتخذ التصنيف في هذا النمط اتجاهات عديدة سواء باعتبار المذهب، أو السلوك، أو البلدان، أو على طريقة الحوليات، أو غيرها.

ولا جرم أن التاريخ الإسلامي عرف شخصيات علمية عديدة، يعسر على الباحث عدها أو حصرها، منهم من أفنى عمره في التحصيل والتدريس قانعا بذلك دون أن تدون أنامله جزءا أو كتابا، ومنهم من بارك الله في علمهم وأعمالهم فجادت قريحتهم بتصانيف قل نظيرها، بل إن من الأعلام من لا يعرف إلا بما وضعوه من مصنفات وتقاييد، وقد يبقي لهم الدهر مصنفا واحدا يعرفون من خلاله، ولولاه لبقوا في غياهب الجهالة والنسيان.

وكما تختلف أقدار العلماء في المعرفة تتفاوت أيضا حظوظهم في الشهرة، وليس

<<  <  ج: ص:  >  >>