إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أشرف الأنبياء والمرسلين، المصطفى من بني عدنان، المبعوث رحمة للعالمين، المؤيد من عند الله بالمعجزات والقرآن والأنوار الباهرات، صلى الله عليه وعلى إخوانه النبيين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وزوجاته أمهات المؤمنين، وصحابته الكرام الأبرار، صلاة وسلاما دائمين ما تعاقب الليل والنهار، أما بعد:
فإن طلب العلم من أشرف القربات، وبه تنال أرفع الدرجات، ولا جرم أن شمر العلماء عن سواعدهم لنيله، وبذلوا جهدهم في تحقيق الإخلاص في طلبه، وحرصوا على ظهور ثمراته اليانعة في أعمالهم وأقوالهم، والعلم شريف كله ومنه علم السيرة النبوية ومغازي النبي ﷺ وفضائله وخصائصه ودلائل نبوته؛ إذ مقصوده ومدار مباحثه ذات المصطفى ﷺ بكل جزئياتها، وهو الموصل لعلم الحلال والحرام، والحامل على التخلق بالأخلاق العظام، فحق لإمامنا ابن شهاب الزهري أن يصف هذا العلم بقوله:«في علم المغازي خير الدنيا والآخرة»(١). ولا ريب أن تكون سيرة المصطفى ﷺ من أهم ما اهتم به العلماء الأعلام وحفاظ ملة الإسلام، فلم تزل تحشد السطور وتستدر مداد الأقلام، على مر السنين وكر الأيام والدهور.
وقد تعددت طرائق التأليف في هذا العلم الشريف، فنجد مصنفات عامة تسرد مجمل الأحداث المتسلسلة المتصلة بحياة النبي ﷺ من ولادته إلى مماته، وتأليف أخرى متنوعة، منها ما ذكر شمائله ﷺ، أي ما يتعلق بأوصافه الخلقية والخلقية،