للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[المبحث الثالث: الحالة الاجتماعية والاقتصادية]

اتضح من خلال عرض الحالة السياسية لبلاد الرافدين عموما ولمدينة البصرة خاصة، حجم الاضطرابات والفتن والقلاقل التي كانت تعيشها البلاد، وبخاصة عندما تستبيحها الجيوش النظامية، أو كانت تتعرض لاجتياحات واعتداءات الأعراب من قبائل بني عامر، والأحساء، وربيعة، والمنتفك، وغيرهم من الرعاع، فكانوا يعيثون في الأرض فسادا، من قتل ونهب وسبي وتخريب وإحراق، فهاجر من هاجر، وبقي من بقي، وذكر أنهم كانوا يمكثون في المدينة أكثر من ثلاثين يوما (١)، فلا يتركون فعلا قبيحا وعملا فظيعا إلا عملوه.

فكان من البديهي إذن أن يكون الوضع الاجتماعي والاقتصادي بالمدينة لا يقل سوءا عن الوضع السياسي، إلا إذا استثنينا مطلع القرن السادس الهجري، حيث استطاع أمراء السلاجقة بحنكتهم السيطرة على تمرد الأعراب، والعمل على تعيين ولاة صالحين مصلحين مثلما هو الأمر مع والي البصرة أقسنقر الذي عينه السلطان السلجوقي محمد عام ٥٠٣ هـ، ففي زمانه كما يقول ابن الغملاس: «بودر في إعمار ما خرب من البصرة، واستتبت الراحة فيها وشكر الناس مساعيه في ذلك، وخصص سفنا تنقل الماء العذب من دجلة إلى البصرة، يوزع على الناس والفقراء، وما خرب من بيوت مجانا، وعمر المساجد وأصلح ما فسد منها، وله في البصرة آثار تحمد» (٢).

والوضع الاجتماعي والاقتصادي في مدينة البصرة لا يختلف كثيرا عن الأوضاع السائدة في باقي البلدان الخاضعة للخلافة العباسية أو غيرها، مثل بغداد ومدن ما وراء النهر ومصر والشام وغيرها؛ إذ يكاد النمط يكون موحدا، لا سيما طبيعة الأعمال، وطبقات المجتمع، والأعياد والملابس، والأطعمة، ونحوها.


(١) البصرة: ولاتها ومتسلموها: (٥٤ - ٥٥).
(٢) نفسه: (٥٥ - ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>