يبدو من خلال القرائن المتقدم ذكرها أن مترجمنا نشأ وترعرع بالبصرة، وبها أخذ مبادئ العلوم الأولية، من قرآن وحديث، وعربية وأدب، وفقه وتفسير، وغيرها من العلوم الضرورية، وإن كانت المصادر لا تسعف في الكلام عن هذا الأمر؛ إلا أن المتصفح لكتب التراجم والمطالع في تراجم أقران المصنف، يجد أن أغلبهم عرفوا في تلك الفترة بموسوعية العلوم وتعدد الثقافات واتساع المدارك، والتميمي في الغالب الأعم لن يشذ عن ذلك.
ومن البديهي والمعروف لدى الدارسين أن البصرة كانت منذ نشأتها دار العلم ومعدن المجتهدين والفضلاء، ومحجا للعلماء والطلبة النجباء، حتى لقبها الخليل بخزانة العرب (١)؛ إذ أنها أنجبت عددا لا يحصى من العلماء والمحدثين والأدباء والخطباء والكتاب والمؤلفين والشعراء ورجال اللغة والنحو والفلسفة وغيرهم، ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: أبو الأسود الدؤلي (ت ٦٩ هـ)، والحسن البصري (ت ١١٠ هـ)، والفرزدق الشاعر (ت ١١٠ هـ)، والخليل بن أحمد النحوي (ت ١٦٠ هـ)، وسيبويه النحوي (ت ١٨٠ هـ)، والأصمعي (ت ٢١٦ هـ)، وأبو عثمان الجاحظ (ت ٢٢٥ هـ)، وأبو داود السجستاني (ت ٢٧٩ هـ)، وأبو الحسن الأشعري (ت ٣٢٤ هـ)، وأبو يعقوب يوسف اللغوي (ت ٤٢٣ هـ)، وأبو محمد القاسم الحريري (ت ٥١٣ هـ)، وغير هؤلاء كثيرون.
فلا غرو إذن أن يستقر المقام بمترجمنا في بداية أمره بهذه المدينة العامرة، ولا شك أن مساجد البصرة من قبيل الجامع الأعظم، والجامع الكبير، والمسجد الجامع وغيرها كانت محجا لطلبة العلم بما فيهم المصنف، فحصل العلوم عن كبار شيوخها، سواء القاطنين بها، أو الذين دخلوها قصد الدرس والتحصيل، فبلغ