٥٩ - حدثنا البغوي، قال: حدثنا أحمد بن عبدة البصري، قال: حدثنا عمار بن شعيث ابن عبد الله بن الزبيب، حدثني أبي (١)، وكان قد بلغ سبع عشر ومائة سنة، قال: سمعت جدي الزبيب (٢) يقول: بعث نبي الله ﷺ جيشا إلى بني العنبر، [فأخذوهم](٣) بركبة ناحية الطائف، فاستاقوهم إلى نبي الله ﷺ، قال الزبيب: فركبت بكرة من إبلي، فسبقتهم إلى النبي ﷺ بثلاثة أيام، فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، أتانا جنودك فأخذونا وقد كنا أسلمنا يوم كذا وكذا، وخضر منا (٤) آذان النعم، ثم جلست عند راحلتي، فبعث إلي نبي الله ﷺ بغذاء، فقلت: ما أنا بأكله حتى أعلم ما يصنع الله ورسوله بالعنبر (٥)، فقال النبي ﷺ:«تغده فخير يصنع الله ورسوله بلعنبر»، فتغديت، فلما قدم بلعنبر، قال لي نبي الله ﷺ:«هل لك بينة على أنكم أسلمتم قبل أن تؤخذوا في هذه الأيام»؟ فقلت: نعم، فقال:«من بينتك»؟ فقلت: سمرة رجل من بلعنبر، ورجل آخر قد سماه له، فشهد الرجل، وأبى سمرة أن يشهد، فقلت له: أخدعه سائر اليوم، فقال: يا نبي الله ينبزني عندك، قلت: يا نبي الله، إن هذا الإسم له، قال النبي ﷺ:«لقد أبى أن يشهد لك، أتحلف مع شاهدك الآخر»؟ قلت: نعم، فاستحلفني، فحلفت بالله لقد أسلمنا يوم كذا وكذا، وخضرمنا آذان النعم، قال النبي ﷺ: «اذهبوا فقاسموهم أنصاف الأموال، ولا تمسوا ذراريهم، لولا أن
(١) هو شعيث بن عبد الله بن الزبيب التميمي العنبري، مقبول. (٢) هو الزبيب بن ثعلبة بن عمرو التميمي العنبري، وقيل: زنيب بالنون، صحابي. (٣) في الأصل: «فأخذهم»، والتصحيح من المصادر. (٤) الحضرمة: قطع إحدى أذني الناقة، كانت سنة الجاهلية، فلما جاء الإسلام شقوا الأذنين شقا ولم يقطعوها، ليعلم من لقيهم أن قد أسلموا، وكانت تلك علامة بإسلامهم في أيامهم دون سؤالهم، إلا أنهم سموا هذا الفعل أيضا خضرمة؛ إذ كان ذلك قطعا في الأذن أنه شق، والذي كان في الجاهلية كان قطعا، فاحتج الوفد بأن هذه الحضرمة كانت شقا، فرد النبى ﷺ ذراريهم؛ لأنه لم ير أن يسبيهم إلا على أمر صحيح لا شك فيه. غريب الحديث للخطابي: (٣/ ١٠٠٢ - ١٠٠٣)، لسان العرب: (١٢/ ١٨٥) مادة (خضرم). (٥) كذا في الأصل وهو صواب بلعنبر أي بني العنبر، وله استعمال في لغة العرب، مثل قولهم: بلقين، يريدون بني القين، وقولهم: بلهجين، يريدون بني الهجين.