وقد كان لشيوخ بغداد التصيب الأوفر من روايات التميمي في الكتاب، إذ فاقت التسعين ومائتي رواية، حصلها عن ما يزيد عن أربعين شيخا، كان أبرزهم أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد ابن البسري البندار (ت ٤٧٤ هـ)، وأبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأنماطي الحربي (ت ٤٧١ هـ)، وأبو منصور عبد الباقي ابن محمد ابن غالب ابن العطار الأزجي (ت ٤٧١ هـ)، وأبو محمد أحمد بن علي بن الحسن ابن أبي عثمان المقرئ الدقاق (ت ٤٧٤ هـ)، وأبو علي الحسن بن أحمد ابن البناء المقرئ (ت ٤٧١ هـ)، وأبو علي علي بن أحمد بن علي السقطي التستري (ت ٤٧٩ هـ)، وأبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي الهاشمي (ت ٤٧٩ هـ)، وغيرهم من كبار المسندين ببغداد، الذين أفادوا التميمي أيما إفادة، ولعل أهم ميزة حصلها من شيوخ هذه المدينة العامرة، تجلت في علو إسنادهم مقارنة بباقي مشايخه في المدن التي دخلها.
ثم بعد هذا، دخل مترجمنا إلى مدينة أسداباذ (١)، وهي من أعمال إيران، تبعد بحوالي ٢٧ كلم عن مدينة همذان باتجاه العراق، والذي أستطيع الجزم به، أن التميمي ولج هذه المدينة قبل متم عام ٤٧٠ هـ، إذ أنه أخذ بها عن شيخه أبي الحسن علي بن الحسن بن علي المحكمي الأسداباذي، وتذكر كتب التراجم أن المحكمي توفي في حدود سنة ٤٧٠ هـ، فلا ريب إذن أنه دخلها قبل هذا التاريخ، واكتفى بالأخذ عن أشهر شيوخها، وقنع منه برواية واحدة كما جاء في الكتاب.
وسرعان ما غادر التميمي مدينة أسداباذ متوجها إلى أقرب المدن، والذي يبدو أن مدينة ساوة: بفتح السين وبعد الألف واو مفتوحة (٢)، كانت هي الأقرب، إذ تقع في
(١) أسداباذ: بفتح الألف والسين والدال المهملتين والباء الموحدة المفتوحة بين الألفين الساكنين ثم ذال معجمة، والعجم يسكنون السين، مدينة من أعمال جرجان، على منزل من همذان إذا خرجت إلى العراق، وبينها وبين الدينور ما يقارب ٤٨ كلم. انظر معجم البلدان: (١٧٦/ ١)، أوضح المسالك: (١٤٨ - ١٤٩). (٢) مدينة ساوة تقع في منتصف المسافة بين همذان والري، على طريق القوافل التي تقطع بلاد فارس أي طريق خراسان، وكانت ذات شأن كثيرة الجمال، ثم خربها المغول عام ٦١٧ هـ وقتلوا كل من فيها، وعلى ساحل هذه المدينة توجد البحيرة المذكورة، وتقع اليوم البحيرة ببلاد العراق وتبعد عن مركز مدينة السماوة ب ٣٠ كلم. معجم البلدان: (٣/ ١٧٩)، بلدان الخلافة الشرقية: (٢٤٦ - ٢٤٨).