للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتجب الإشارة إلى أنه اعتبارا لطبيعة التصنيف الموضوعي للكتاب، يصعب تحديد أوائل المدن التي زارها التميمي، ولا حتى تواريخ هذه الزيارات، اللهم إلا اعتمادا على بعض السنوات التي صرحت المصادر بدخول مشايخ التميمي إلى المدن المعنية، أو بناء على سنوات وفياتهم، أو اعتمادا على السنوات التي ذكر أنهم حدثوا فيها أو عقدوا فيها مجالس للإملاء، ومع ذلك ففي غياب معلومات كافية ما أظن إلا ظنا وما أنا بمستيقن، وسأذكر المدن التي دخلها المصنف تباعا على ما تبدى لي من معطيات ومعلومات راجحة.

لذلك يبدو أن مدينة واسط كانت أولى المدن التي دخلها أبو عبد الله التميمي، لاعتبارات عديدة أهمها القرب الجغرافي، فهي أقرب المدن إلى البصرة موطن الرجل، إذ لا تبعد عنها إلا بحوالي ٢٤٠ كلم، وسميت بواسط لتوسطها بين الكوفة والبصرة والأهواز (١)، والأرجح أن التميمي لم يمكث بها طويلا، وقد صرح في الكتاب بالأخذ عن شيخين من كبار شيوخ المدينة، هما أبو البركات أحمد بن عثمان ابن نفيس الواسطي المقرئ (ت ٤٨٣ هـ)، وأبو المعالي محمد بن عبد السلام ابن شانده الواسطي (ت ٤٩٠ هـ)، ولم يتجاوز مجموع الروايات عنهم سوى خمس روايات.

بعد هذا فغالب الظن أن التميمي قصد مدينة العلم والعلماء، صرح الإسلام وعزته، أم الدنيا وسيدة البلاد (٢)، أعني مدينة السلام بغداد، والمدينة لا تبعد عن واسط إلا بحوالي ١٨٠ كلم، فدخلها التميمي وهي مكتظة بأهلها، لا سيما من أهل العلم والمحدثين الجهابذة، وإن كانوا دون من سبقهم من النحارير، أمثال الدارقطني وابن أبي حاتم وابن حبان وغيرهم.


(١) انظر الروض المعطار: (٥٩٩)، بلدان الخلافة الشرقية: (٥٩ - ٦٠).
(٢) روي أن الشافعي قال: الدنيا كلها بادية وبغداد حاضرتها. وعنه أيضا قال ليونس بن عبد الأعلى: يا يونس دخلت بغداد؟ فقال: لا، فقال الشافعي: يا يونس ما رأيت الدنيا. قوت القلوب: (٢/ ٨١)، تاريخ بغداد: (١/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>