من حاق الجوع، فقال:«والذي نفسي بيده، ما أخرجني غيره»، فقاموا فانطلقوا، حتى أتوا باب أبي أيوب الأنصاري، وكان أبو أيوب ذكر لرسول الله ﷺ طعاما، أو لبنا، فأبطأ يومئذ، فلم يأت لحينه، فأطعمه أهله، وانطلق إلى نخله يعمل فيه، فلما أتوا باب أبي أيوب، خرجت امرأة فقالت: مرحبا برسول الله وبمن معه، فقال لها رسول الله ﷺ:«فأين أبو أيوب»؟ قالت: يأتك يا نبي الله الساعة، فرجع رسول الله ﷺ، فبصر به أبو أيوب وهو يعمل في نخل له، فجاء يشتد حتى أدرك رسول الله ﷺ، فقال: مرحبا بنبي الله ومن معه، فقال: يا رسول الله، والله ليس في الحين الذي كنت تجيئني فيه، فرده، فجاء إلى عذق النخلة فقطعه، فقال له رسول الله ﷺ:«ما أردت إلى هذا»، قال: يا رسول الله، أحببت أن تأكل من رطبه وبسره وتمره، ولأذبحن لك مع هذا، فقال:«إن ذبحت فلا تذبحن ذات در»، فأخذ عناقا له، أو جديا فذبحه، وقال لامرأته: اخبزي وأطبخ أنا، فأنت أعلم بالخبز، فعمد إلى نصف الجدي، فطبخه، وشوى نصفه، فلما أدرك الطعام، وضع بين يدي النبي ﷺ وأصحابه، فأخذ رسول الله ﷺ من الجدي، فوضعه على رغيف، فقال:«يا أبا أيوب، أبلغ بهذا فاطمة، فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام»، فلما أكلوا وشبعوا، قال النبي ﷺ:«خبز، ولحم، وبسر، وتمر، ورطب»، ودمعت عيناه، ثم قال:«هذا من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة»، فكبر ذلك على أصحابه، فقال رسول الله ﷺ:«إذا أكلتم مثل هذا وضربتم بأيديكم، فقولوا: بسم الله وبركة الله، فإذا شبعتم، فقولوا: الحمد لله الذي أشبعنا وأروانا، وأنعم وأفضل، فإن هذا كفاف بهذا»، فكان رسول الله ﷺ لا يأتي إليه أحد معروفا إلا أحب أن يجازيه، فقال لأبي أيوب:«آتنا غدا»، فلم يسمع، فقال له عمر ﵁: إن رسول الله ﷺ يأمرك أن تأتيه، فلما أتاه أعطاه وليدة، فقال:«يا أبا أيوب فاستوص بهذه خيرا، فإنا لم نر إلا خيرا ما دامت عندنا»، فلما جاء بها أبو أيوب، قال: ما أجد لوصية النبي ﷺ خيرا من أن