أقول: وجه اتصالها بالسورة التي قبلها، سورة «المرسلات» : تناسبها معها في الجمل. ففي تلك: أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) .
وفي هذه: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) إلى آخره. فذلك نظير تناسب جمل:
«الضحى» و «ألم نشرح» ، بقوله تعالى في الضحى: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (٦) إلى آخره. وقوله: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) ، مع اشتراك هذه السورة، والأربع التي قبلها، في الاشتمال على وصف يوم القيامة وأهواله، وعلى ذكر بدء الخلق، وإقامة الدليل على البعث.
وأيضا في سورة المرسلات: لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤) . وفي هذه السورة:
فكأن هذه السورة شرح ليوم الفصل، المجمل ذكره في السورة التي قبلها «٢» .
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ/ ١٩٧٨ م. (٢) . لم يذكر المؤلف سورة النازعات، ومناسبتها لما قبلها. ونرى، والله أعلم: أنه طال وصف يوم القيامة في «النبأ» ، ثم ذكر في «النازعات» حجة من أنكرها، وردّ عليها، فقال: يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ (١٠) أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً (١١) وذكر ندامتهم على تفريطهم بقوله سبحانه: قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (١٢) . ثمّ أكّد قدرته على إحياء الموتى، وأقام الدليل عليها في بقيّة السورة.