أقول: وجه اتصالها بسورة القيامة في غاية الوضوح: فإنه تعالى ذكر في آخر تلك مبدأ خلق الإنسان من نطفة، ثمّ ذكر مثل ذلك في مطلع هذه السورة، مفتتحا بخلق آدم أبي البشر.
فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً (٢) ، فعلّق به غير ما علق بالأول، ثمّ رتب عليه هداية السبيل، وتقسيمه إلى شاكر وكفور، ثمّ أخذ في جزاء كلّ.
ووجه آخر: أنّه، لما وصف حال يوم القيامة في تلك السورة، ولم يصف فيها حال النّار والجنّة، بل ذكرهما على سبيل الإجمال، فصّلهما في هذه السورة، وأطنب في وصف الجنّة «٢» ، وذلك كله شرح لقوله تعالى هناك:
وقد ذكر هناك: كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) وذكر هنا في هذه السورة:
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ: ١٩٧٨ م. (٢) . وصف أحوال المؤمنين في الجنّة فصل هنا من قوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً (٥) الى: إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (٢٢) .