لا يخفى تآخي هاتين السورتين (الفتح والحجرات) مع ما قبلهما، لكونهما مدنيتين، ومشتملتين على أحكام. فتلك فيها قتال الكفّار، وهذه فيها قتال البغاة «٢» . وتلك ختمت بالذين آمنوا، وهذه افتتحت بالذين آمنوا «٣» وتلك تضمنت تشريفا له (ص) ، خصوصا مطلعها، وهذه أيضا في مطلعها أنواع من التشريف له (ص)«٤» .
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ/ ١٩٧٨ م. (٢) . قتال الكفّار في «الفتح» معروف، لأنها في فتح مكة، وقتال البغاة في «الحجرات» جاء في قوله تعالى: وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ [الآية ٩] . (٣) . ختام الفتح: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٢٩) وافتتاح الحجرات: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. (٤) . تشريفه (ص) في «الفتح» في قوله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ [الآية ٢] . وتشريفه في مطلع الحجرات: لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الآية الأولى] ، إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ [الآية ٣] ، إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٤) .