أقول: لمّا ذكر سبحانه في آخر «تبارك» التهديد بتغوير الماء «٢» ، استظهر عليه في هذه السورة بإذهاب ثمر أصحاب البستان في ليلة يطاف عليه فيها، وهم نائمون، فأصبحوا لم يجدوا له أثرا، حتّى ظنوا أنّهم ضلّوا الطريق «٣» . وإذا كان هذا في الثمار وهي أجرام كثيفة، فالماء الذي هو لطيف رقيق أقرب إلى الإذهاب، ولهذا قال سبحانه: وَهُمْ نائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠) . وقال هناك: إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً [الآية ٣٠] ، إشارة إلى أنه يسري عليه، في ليلة، كما سرى على الثمرة، في ليلة.
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ: ١٩٧٨ م. (٢) . ورد في قوله تعالى من سورة «الملك» : قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (٣٠) . وتغوير الماء: جفافه. (٣) . جاء هذا في سورة القلم بقوله تعالى: إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ [الآية ١٧] إلى إِنَّا كُنَّا طاغِينَ (٣١) .