أقول: وجه اتصالها بسورة «قد أفلح» ، أي سورة «المؤمنون» : أنه لما قال تعالى في الآية الخامسة منها:
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) ، ذكر في هذه أحكام من لم يحفظ فرجه، من الزانية والزاني، وما اتّصل بذلك من شأن القذف، وقصّة الإفك، والأمر بغضّ البصر «٢» ، وأمر فيها بالنكاح حفظا للفروج، وأمر من لم يقدر على النكاح بالاستعفاف، وحفظ فرجه، ونهى عن إكراه الفتيات على الزنا «٣» .
ولا ارتباط أحسن من هذا الارتباط، ولا تناسق أبدع من هذا النسق.
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ: ١٩٧٨ م. (٢) . الزانية والزاني في قوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ [الآية ٢] . إلى وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣) . وجاء القذف في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ [الآية ٤] الى وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠) . وهو شامل لأحكام اللّعان. وقصة الإفك هي التي أرجف بها المنافقون في حقّ أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، حتى برّأها الله تعالى، بقوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ [الآية ١١] الى وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٩) . وجاء غضّ البصر في قوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ [الآية ٣٠] إلى وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١) . (٣) . جاء الأمر بالنكاح، والاستعفاف لغير القادر، وعدم إكراه الفتيات على البغاء في الآيتين [٣٢- ٣٣] .