فهو يجوز فيه الرفع «١» ، وهي اللغة الكثيرة غير أنّ الجماعة اجتمعوا على النصب «٢» ، وربّما اجتمعوا على الشيء، كذلك ممّا يجوز، والأصل غيره. لأنّ قولك:«إنّا عبد الله ضربناه» ، مثل قولك «عبد الله ضربناه» ، لأنّ معناهما في الابتداء سواء. قال الشاعر «٣»[من المتقارب وهو الشاهد الرابع والخمسون] :
فأمّا تميم بن مرّ ... فألفاهم القوم روبى نياما
وقال «٤»[من الطويل وهو الشاهد الخامس والخمسون] :
إذا ابن أبي موسى بلال بلغته ... فقام بفأس بين وصليك جازر
ويكون فيهما النصب. فمن نصب (وأمّا ثمود) ، نصب على هذا.
وأمّا قوله تعالى يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٣١)[الإنسان] وقوله أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧)[النازعات] ثم قال وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠)[النازعات] وقال الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤)[الرحمن] ثم قال وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ (٧)[الرحمن] وقال وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً (٣٩)[الفرقان] فهذا، إنّما ينصب وقد سقط الفعل على الاسم بعده، لأنّ الاسم الذي قبله قد عمل فيه، فأضمرت فعلا، فأعملته فيه، حتّى يكون العمل من وجه واحد.
وكان ذلك أحسن، قال الشاعر [من الوافر وهو الشاهد السادس والخمسون] :
نغالي اللّحم للأضياف نيئا ... ونرخصه إذا نضج القدور «٥»
يريد «نغالي باللّحم» فإن قلت
(١) . هي قراءة نسبت في الشواذ ١٤٨، والمحتسب ٢: ٢٠٠، والجامع ١٧: ١٤٧، إلى أبي السمال وفي البحر ٨: ١٨٣ زاد عن ابن عطية قوما من أهل السنة. (٢) . في القرطبي ١٧: ١٤٧ الى الجماعة، وفي البحر ٨: ١٨٣ الى الجمهور. [.....] (٣) . هو بشر بن أبي خازم الأسدي. انظر ديوانه ١٩٠ والكتاب ١: ٤٢، والصحاح «روب» . (٤) . هو ذو الرّمّة غيلان انظر ديوانه ٢: ١٠٤٢ والكتاب ١: ٤٢، ومعاني الفراء ١: ٢٤١ ب «أتيته» . (٥) . في معاني القرآن ٢: ٣٨٣. وفي التهذيب «غلا» ب «تغالى» و «تبذله» ، وأساس البلاغة «غ ل و» واللسان «غلا» ، ب «التقدير» ، وشرح الأبيات للفارقي ٢٤ و ٢٠١ ب «نبذله» ، والصحاح «غلا» وفيها كلها بلا عزو.