البيهقي أنّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كتب إليه كتابًا بليغًا وفيه: ثم قايس الأمور، واعرف الأمثال والأشباه. رواه البيهقي (١). وقال: هو كتاب معروف مشهور لا بد للقضاة من معرفته والعمل به (٢).
وقد اعترض الخصم على هذا الدليل الثاني: فإنّه وإن دلّ على حجيّة القياس وقت تقريره - صلى الله عليه وسلم - فلا يدلّ على حجيّته دائمًا في جميع الأزمنة، بل ذلك قبل نزول قوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}(٣) فإنّ إكمال الدّين إنّما يكون بالتّنصيص على الأحكام فلمّا نزلت هذه الآية استغني عن القياس.
والجواب: أنّ الأصل عدم التخصيص بوقت دون وقت، وأيضًا فلم يقل أحد إنَّ القياس كان حجّةً إلى حين نزولِ هذه الآية ثمّ زال.
والمراد بقوله:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}(٤) الأصول أمّا التفاريع فالآية مخصوصة بالنسبة إليها لعدم شمول النّص الصريح (٥) لجميع الجزئيات، هذا تقرير ما في الكتاب.
(١) رواه البيهقي: ١٠/ ١٩٧ كتاب آداب القاضي، باب ما يقضي به القاضي ويفتي به المفتي، وفي كتاب الشهادات باب لا يحيل حكم القاضي على المقضي له والمقضي عليه ١٠/ ٢٥٣، ورواه الدارقطني في السنن: ٤/ ٢٠٦. وجامع بيان العلم: ٢/ ٥٦. (٢) ينظر سنن البيهقي: ١٠/ ١٩٧. (٣) سورة المائدة الآية ٣. (٤) سورة المائدة الآية ٣. (٥) (الصريح): ليس في (غ).