والجدليون يعلِّلون مثل ذلك بأن الثاني هنا (١) مثلًا: فيه تسليم للحصر، فلا يحسن منعه بعد ذلك (٢). والله أعلم.
قال:(الثالثة: الأمر بعد التحريم للوجوب. وقيل: للإباحة. لنا: أن الأمر يفيده، ووروده بعد الحرمة لا يدفعه. قيل:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} (٣). قلنا: معارض بقوله: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}) (٤).
هذه المسألة مُفَرَّعة على ثبوت أن صيغة "افعل" تقتضي الوجوب، فاختلف القائلون بذلك فيما إذا وردت بعد الحظر: هل هي باقية على دلالتها، أو ورودها بعد الحظر قرينة للإباحة، أم كيف الحال؟ على أربعة مذاهب:
الأول: أنها على حالها في اقتضاء الوجوب. وهو اختيار الإمام وأتباعه (٥) منهم المصنف، وبه قالت المعتزلة (٦)، وصححه الشيخ أبو إسحاق
(١) أي: في هذا الترتيب الذي ذكره الشارح، وهو موافق لترتيب الإمام، رحمهما الله تعالى. (٢) انظر المعنى الحقيقي لصيغة "افعل" مع الأدلة في: المحصول ١/ ق ٢/ ٦١، التحصيل ١/ ٢٧٣, الحاصل ١/ ٤٠٢، نهاية الوصول ٣/ ٨٥٢، نهاية السول ٢/ ٢٥١، السراج الوهاج ١/ ٤٤٧، البحر المحيط ٣/ ٢٨٥، شرح المحلي على الجمع ١/ ٣٧٥، الإحكام ٢/ ١٤٣، كشف الأسرار ١/ ١٠٧، تيسير التحرير ١/ ٣٤١، شرح تنقيح الفصول ص ١٢٧، بيان المختصر ٢/ ١٩، شرح الكوكب ٣/ ٣٩، تفسير النصوص ٢/ ٢٤٠. (٣) سورة المائدة: الآية ٢. (٤) سورة التوبة: الآية ٥. (٥) انظر: المحصول ١/ ق ٢/ ١٥٩، التحصيل ١/ ٢٨٦، الحاصل ١/ ٤١٨. (٦) انظر: المعتمد ١/ ٧٥، الإحكام ٢/ ١٧٨. وهو مذهب عامة الحنفية، وبه قال =