فنقول هذا الترجيح مدفوع بقوله تعالى:{لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}(١) والباء للسببية؛ فيدل على أن المراد: الذي يُفعل به التطهير (٢).
قال:(الثالث: الإضمار خيرٌ منه؛ لأن احتياجه إلى القرينة في صورةٍ واحتياج الاشتراك إليها في صورتين).
الإضمار أولى من الاشتراك:
لأنه لا يحتاج إلى القرينة إلا في صورة واحدة: وهي صورة إرادة المعنى الإضماري، بخلاف المشترك فإنه مُفْتَقِر إلى القرينة في جميع صُوَرِه؛ إذ ليس البعض فيه أولى من البعض.
وفي بعض نسخ الكتاب بعد قوله:"في صورتين" مثل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}(٣). أي: أن لفظ "القرية" يحتمل أن يكون مَقُولًا بالاشتراك على الأهل والأبنية، ويحتمل أن يكون حقيقةً في الأبنية فقط، والأهل مضمر.
= إذ طهارة الماء لا تتكرر في ذاتها، فحَمْل اللفظ على مطهِّر القابل للتكرار مجازًا - أولى من حمله على طاهر غير القابل للتكرار، والمجاز أولى من الاشتراك. (١) سورة الأنفال: الآية ١١. (٢) أي: دعوى الترجيح بالمجاز على الاشتراك غير مقبولة؛ لأن هناك آية أخرى تفسِّر معنى "طهور" الوارد في قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} وهي قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}، والباء للسببية، أي: ينزل عليكم الماء الذي تتطهرون بسببه، فمعنى الطهور: هو الذي يُفعل به التطهير، فيكون إطلاق المطهِّر على ماء السماء من باب الحقيقة، لا من باب ترجيح المجاز على الاشتراك. (٣) سورة يوسف: الآية ٨٢.