والمذهب الثالث: التوقف وبه قال إمام الحرمين، والغزالي، والآمدي (١)، وهو المختار.
وقد اعتمد القاضي على ما ذهب إليه: بأنه لو كان على ملةٍ لاقتضى العُرْفُ ذِكْرَه لها لَمَّا بعثه نبيًا، ولتحدَّث بذلك أحدٌ في زمانه وبَعْدُ (٢).
وعارض إمام الحرمين ذلك:"بأنه لو لم يكن على دينٍ أصلًا لَنُقِل؛ فإن ذلك أبدع وأبعد عن المعتاد مما ذكره القاضي"، قال:"فقد تعارض الأمران (والوجه أن)(٣) يقال: كانت العادة انخرقت للرسول - صلى الله عليه وسلم - في أمورٍ، منها انصراف هِمَم (٤) الناس عن أمر دينه والبحث عنه"(٥).
قال:(وبعدها: الأكثر على المنع. وقيل: أمرٌ بالاقتباس. ويكذِّبه انتظارُ الوحي، وعدمُ مراجعتِه ومراجعتِنا. قيل: رَاجَع في الرجم. قلنا: للإلزام. واسْتُدِلَّ بآياتٍ أُمِر فيها باقتفاء الأنبياء السالفة عليهم السلام. قلنا: في أصول الشريعة وكلياتها).
البحث الثاني: في أنه - صلى الله عليه وسلم - هل تُعُبِّد بعد النبوة بشرعِ مَنْ قبله:
والكلام في ذلك مع مَن (لم يَنْفِ)(٦) التعبد قبل النبوة، وأما مَن نفاه
(١) انظر: البرهان ١/ ٥٠٩، المستصفى ٢/ ٤٣٥ (١/ ٢٤٦)، الإحكام ٤/ ١٣٧، وبه قال أيضًا القاضي عبد الجبار، كما في الإحكام. (٢) انظر: التلخيص ٢/ ٢٦٢. (٣) في (ص): "والوجهان". (٤) في (ت): "هم". ولفظ البرهان: "انصراف الناس". (٥) البرهان ١/ ٥٠٩. (٦) في (غ): "أثبت".