وفيه مسائل: الأولى: الأكثر على جواز نسخ الكتاب بالسنة، كنسخ الجَلْد في حق المُحْصن. وبالعكس، كنسخ القبلة. وللشافعي - رضي الله عنه - قولٌ بخلافهما. دليله في الأول: قوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} (١). ورُدَّ: بأن السنة وحيٌ أيضًا وفيهما بقوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}(٢). وأجيب في الأول: بأن النسخ بيان. وعُورض الثاني بقوله:{تِبْيَانًا}(٣)).
المراد هنا بالناسخ والمنسوخ: ما يُنْسخ وما يُنْسخ به من الأدلة.
اعلم أنه يجوز نسخ الكتاب به، والسنة المتواترة بها، والآحاد بمثله وبالمتواتر (٤). وأما نسخ الكتابِ بالسنة، والسنةِ بالكتاب - فالجمهور (٥) على جوازه، ووقوعه (٦).
(١) سورة البقرة: الآية ١٠٦. (٢) سورة النحل: الآية ٤٤. (٣) سورة النحل: الآية ٨٩. (٤) بلا خلاف في هذه الصور. انظر: التلخيص ٢/ ٥١٣، المحصول ١/ ق ٣/ ٤٩٥، نهاية الوصول ٦/ ٢٣٢٥، شرح التنقيح ص ٣١١، إحكام الفصول ص ٤١٧، الإحكام ٣/ ١٤٦، اللمع ص ٥٩، شرح اللمع ١/ ٤٩٨، البحر المحيط ٥/ ٢٥٩، أصول السرخسي ٢/ ٦٧، فواتح الرحموت ٢/ ٧٦، فتح الغفار ٢/ ١٣٣، شرح الكوكب ٣/ ٥٥٩، نزهة الخاطر ٢/ ٢٢٣، التمهيد للكلوذاني ٢/ ٣٦٨. (٥) في (غ): "فالجماهير". (٦) أي: جوازه عقلًا، ووقوعه شرعًا. انظر رأي الجمهور في: الإحكام ٣/ ١٥٠، شرح التنقيح ص ٣١٢، التبصرة ص ٢٦٤، اللمع ص ٥٩، المستصفى ٢/ ٩٩ (١/ ١٢٤) =