وإنْ كان الثاني وهو أن يحصل الصدق بغيرها - فهو باطل بالإجماع منا ومنهم على عدم الوقوع عند عدم هذه الصيغة.
وثالثها: أن الزوج لو قال لرجعيته في عدتها: طلقتك، ونوى الإخبار عما مضى لم يقع قطعًا. وإن لم ينوِ شيئًا أو نوى الإنشاء وقع بالاتفاق، فلو كان إخبارًا (١) لم يقع كما لو نوى به الإخبار (٢).
[فائدتان]
إحداهما: قال القرافي في "الفروق": "الإنشاء ينقسم إلى متفق عليه، ومختلف فيه. فالمجمع عليه أربعة أقسام:
الأول: نحو قولنا: أُقسم بالله لقد قَدِم زيد، ونحوه، فإن مقتضى هذه الصيغة - أنه أخبر بالفعل المضارع - سيكون منه قَسَم في المستقبل، فكان ينبغي أن لا يلزمه كفارة بهذا القول؛ لأنه وَعْدٌ بالقسم لا قسم، كقول القائل: سأعطيك درهمًا. لكن لما وقع الاتفاق على أنه بهذا اللفظ أقْسَمَ، وأن موجَب القَسَم يلزمه - دلَّ ذلك على أنه أنْشَأ به القَسَم، لا أنَّه أَخْبَرَ عن وقوعه في المستقبل. وهذا أمرٌ اتُّفِقَ عليه في الجاهلية والإسلام؛ ولذلك
(١) أي: فلو كان لفظ "طلقتُكِ" للإخبار لا للإنشاء في حال عدم النية، أو مع نية الإنشاء. (٢) انظر الفروع السابقة في: المحصول ١/ ق ١/ ٤٣٧، التحصيل ١/ ٢٣٠، الحاصل ١/ ٣٥٠، نفائس الأصول ٢/ ٨٤٢، نهاية السول ٢/ ١٥٩، السراج الوهاج ١/ ٣٤٩، شرح الأصفهاني ١/ ٢٣٨، مناهج العقول ١/ ٢٥٩، نهاية الوصول ٢/ ٣١١.