قال إمام الحرمين: ولا يجوز أنْ يقال: أراد بالرأي الاستنباط من الكتاب والسنة، فإنّ ذلك لو كان على هذا الوجه لكان تمسكًا بالكتاب والسنّة، وقد قال في البرهان أيضًا أنّ الشافعي - رضي الله عنه - احتج ابتداءً على إثبات القياس بحديث معاذ يعني هذا. قال: والحديث مدون في الصّحاح متفق على صحّته لا يتطرق إليه تأويل (١).
قلت: وهذا عجيب من إمام الحرمين فقد قال إمام الصناعة أبو عبد الله البخاري: لا يصحّ هذا الحديث (٢). وقال الترمذي: ليس إسناده عندي بمتصل (٣).
وأما قصّة أبي موسى، وقد جمع في المحصول وغيره بين القصتين وجعلهما واحدة (٤)، ولا أعرف ذلك بل روى
= أخرجها البخاري في كتاب المغازي (٦٤) باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع (٦٠) رقم الحديث (٤٣٤١ - ٤٣٤٢) ص ٨٢٠، وأخرجها مسلم في كتاب الجهاد والسير (٣٢) باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير (٣) رقم الحديث (٦/ ١٧٣٢) ص ٧٢١. (١) ينظر البرهان: ٢/ ٧٧٢. قلت: الأولى أن يلتمس له عذر، أو يتأول له، فلعل قصده أن أصل قصة معاذ وأبي موسى الأشعري في الصحيحين. (٢) ينظر التلخيص الحبير: ٤/ ١٥٥٦، فقد نقل الكلام عن البخاري، وينظر البخاري في التاريخ الكبير: ٢/ ٢٧٧. (٣) ينظر: سنن الترمذي كتاب الأحكام، باب ما جاء في القاضي يصيب ويخطئ وعبارته: "هَذَا حدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِن هذَا الْوَجْهِ وَلَيْسَ إسْنَادُهُ عِنْدِي بِمُتَّصِلٍ. وَأَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ، اسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ الله". (٤) ينظر المحصول: ٢/ ق ٢/ ٥٢.