بناءً مِنْ هؤلاء) (١) على أصلهم في الأحكام قبل ورود الشرائع، فإنهم زعموا أنها على الحظر، ولم يجعلوا فِعْل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -عَلَمًا في تثبيت حكم، فبقي الحكم على ما كان عليه في قضية العقل قبل ورود الشرائع (٢). انتهى. وكذلك ذكر الغزالي، وقال:"لقد صدق هذا القائل في قوله: بقي على ما كان. وأخطأ في قوله: إنَّ الأحكام قبل الشرع على الحظر؛ لما قررناه في موضعه". (٣)
فإن قلت: فهل قَصْدُ القربة في الفعل قرينة الوجوب أو الندب (٤)(حتى لا يتأتى)(٥) فيه الخلاف المذكور؟
قلت: لا؛ لتصريح بعضهم بجريان الخلاف في القسمين جميعًا، أعني: ما ظهر فيه قصد القربة، وما لم يظهر. غير أن القول بالوجوب والندب يَقْوَى في القسم الأول، والقول بالإباحة والتوقف يضعف فيه. وأما القسم الثاني فبالعكس منه (٦).
(١) في (ص): "وهذا من هؤلاء بناءً". (٢) انظر: التلخيص ٢/ ٢٣٠، وكذا نقل الزركشي عن ابن القشيري - رحمهما الله - أنه قال بمقولة القاضي في بناء هذا القول على الحكم قبل الشرع. انظر: البحر المحيط ٦/ ٣٥، وكذا قال أبو شامة في "المحقَّق" ص ٧٢. (٣) انظر: المستصفى ٣/ ٤٥٦، مع تصرف من الشارح رحمه الله. (٤) في (ت): "والندب". (٥) في (ت): "حتى لا يأتي". (٦) هذا السؤال والجواب نقله الشارح رحمه الله تعالى من نهاية الوصول ٥/ ٢١٢٥ - ٢١٢٦، وقد سبق أن علقت في أول المسألة بأنه سيأتي النقل عن صفي الدين الهندي - رحمه الله - بأنه صَرَّح بالتسوية بين القسمين في جريان خلاف العلماء.