يقال: إذا جاز النسخ في تلك الصورة؛ لتساويهما (١) - جاز في هذه الصور (٢)؛ لعدم القائل بالفصل؛ لأن (٣) إلحاق الفرد بالأكثر أولى؛ ولأن تحقق المفسدة في صور عديدةٍ أشدُّ محذورًا من تحققها في صورة واحدة (٤).
وثانيهما: النقض بجواز تخصيصهما به.
ولقائل أن يقول: التخصيص أهون؛ فلا يلزم من جوازه جواز النسخ. وأيضًا فالتخصيص لا يلزم منه ترجيح الأضعف على الأقوى؛ لما ذُكر من المعنى، فلا يلزم النقض.
واستدل الخصم بقوله تعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً}(٥) الآية، فإنه يقتضى حَصْر التحريم فيما ذُكِرِ في الآية (٦)، وقد نُسخ ذلك بما روت الأئمة الستة رحمهم الله:
(١) أي: لتساوي خبر الواحد مع المتواتر في القوة، كما سبق بيانه. (٢) في (ت)، و (ص)، و (غ): "الصورة". وهو خطأ. والمثبت موافق لما في نهاية الوصول ٦/ ٢٣٣٢. والمحقِّق "للنهاية" أثبت في الهامش أن نسخة أخرى فيها: "الصورة". وهو خطأ أيضًا، وكان الواجب عليه أن يشير إلى الخطأ، لا أن يثبته قرقًا صحيحًا. (٣) قوله: "لأن" وما بعده - تعليل لقوله: "ولا يُعَارض بمثله". (٤) يعني: لو فرضنا أن الصواب هو عدم إلحاق الطرفين - فإن المفسدةَ المترتبة على إلحاق الصور بالصورة: أشدُ محذورًا من تحقق المفسدة في صورة واحدة إذا قلنا بإلحاقها بالصور؛ فلما كانت مفسدةُ إلحاق الصورة بالصور أقلَّ - ترجح إلحاقها بالصور". (٥) سورة الأنعام: الآية ١٤٥. (٦) وهي الأربعة المذكورة: الميتة، والدم المسفوح: وهو الجاري الذي يسيل، بخلاف غيره كالكبد والطحال. قال قتادة: إنما حُرِّم المسفوح، فأما اللحم إذا خالطه دم =