واستدل على أن الكتاب يَنسخ السنة: بأن التوجه إلى بيت المقدس كان ثابتًا بالسنة، ثم نُسخ بقوله تعالى:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}(١).
قوله:"في ليله في الأول"، أي: دليل الشافعي في امتناع نسخ الكتاب بالسنة قوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}(٢)، وقد استدل بها الشافعي رحمه الله في "الرسالة"(٣)، ويمكن تقرير وجه الدلالة منها بطريقين:
أحدهما (٤): أنه تعالى أسند للإتيان بالخير أو المِثْل إلى نفسه، وإنما يكون ذلك إذا كان الناسخ القرآن.
والثاني: أنه تعالى قال: نأت بالخير أو المثل، والسنة ليست خيرًا من الكتاب، ولا مثله؛ فدل على أن (٥) الإتيان إنما هو بالقرآن.
والجواب: أن السنة مُنَزلةٌ؛ إذ هي حاصلة بالوحي؛ لِقَوْله تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}(٦)، فالآتي بها هو الله تعالى. وأما الخير أو المِثْل فالمراد
(١) سورة البقرة: الآية ١٤٤. (٢) سورة البقرة: الآية ١٠٦. (٣) انظر: الرسالة ص ١٠٨. (٤) في (ت): "إحداهما". وهذا على تأنيث الطريق. قال في المصباح ٢/ ١٨: "والطريق يذكَّر في لغة نجد، وبه جاء القرآن في قوله تعالى: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا}، ويؤنَّث في لغة الحجاز". (٥) سقطت من (ت). (٦) سورة النجم: الآية ٣.