واحتج أصحابنا: بأنه لو لم يكن إثباتًا لم يكف قول القائل: لا إله إلا الله - في توحيده؛ لأن اللفظ حينئذ ليس إلا لنفي الإلهية عما عدا الله، وهو ساكت عن إثباتها لله، فيفوت أحد شرطي التوحيد، فلا يكفي ذلك، ولا قائل بهذا، كيف والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله".
واحتج أبو حنيفة بقوله عليه السلام:"لا صلاة إلا بطهور"(١) فإن تقديره: لا صحة للصلاة إلا بطهور، فلو كان الاستثناء من النفي إثباتًا - لكان حيث وُجد الطهور وُجدت صحة الصلاة، وليس كذلك؛ لجواز فواتها لفقدان شرطٍ آخر.
وأجاب المصنف: بأن الحصر قد يُؤتى به للمبالغة لا للنفي عن الغير، مثل:"الحج عرفة"(٢)، والطهارة لما كانت أعظم الشروط صُيِّرت كأنه لا
(١) بهذا اللفظ لم أقف عليه، وأخرجه أحمد في المسند ٥/ ٧٤، بلفظ: "إن الله عز وجل لا يقبل صلاةً بغير طُهُور". وأخرجه مسلم ١/ ٢٠٤، في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، حديث رقم ٢٢٤، بلفظ: "لا تُقبل صلاة بغير طُهُور". وبلفظه أخرجه الترمذي: ١/ ٥ - ٦، في الطهارة، باب ما جاء لا تُقبل صلاة بغير طُهُور، حديث رقم ١. وقال: هذا الحديث أصح شيءٍ في هذا الباب وأحسن. وأخرجه ابن ماجه ١/ ١٠٠، في الطهارة، باب لا يقبل الله صلاة بغير طهور، حديث رقم ٢٧٢، من حديث ابن عمر. وفي الباب عن أبي المَلِيح عن أبيه، وأبي هريرة وأنس. انظر: سنن أبي داود ١/ ٤٨ - ٤٩، حديث رقم ٥٩، والنسائي ١/ ٨٧ - ٨٨، حديث رقم ١٣٩. (٢) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٣٠٩ - ٣١٠. والدارمي ١/ ٣٨٦، في مناسك الحج، باب بما يتم الحج، حديث رقم ١٨٩٤. والترمذي ٣/ ٢٣٧، في الحج، باب ما =